ذات يوم كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً في مسجده وسط أصحابه فإذا بالحسن بن علي رضي الله عنهما يمر من أمامه فتحركت عاطفة الأبوة بين جنبيه الطاهرين ورق قلبه العظيم له فأمسك به وقبَّله فقال الأقرع بن حابس التميمي : يا رسول الله تقبلون الصبيان ؟ فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : نعم ! قال : والله لي عشرة من الصبيان ما قبلت أحداً منهم . فنظر إليه صلى الله عليه وسلم وقال : (( أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك من لا يرحم لا يرحم )) جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : عثر أسامة بعتبة الباب فشج وجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أميطي عنه الأذى )) فتقذرته فجعل يمس عنه الدم ويمجه عن وجهه ثم قال : (( لو كان أسامة جارية لحليته وكسوته حتى أنفقه )) الصحيحة 1019 ، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يقوم فزعا ً إلى أسامة بن زيد حبه وابن حبه ، وينظف وجهه وجرحه من الدم وما علق في وجهه من تراب ونحوه ، وهو يسكته ، ويهدى من روعه بالعبارات السابقة ، كما لو سقط أبن أحدنا فإنه يقوم إليه ، ويلاطفه بألفاظ مطيبة للخاطر ، منسية للألم