خبراء: الإشهار يكسر احتكار البنوك لأعمال الوساطة ويضمن حقوق المتعاملين
الرياض : زيد بن كمي وإسماعيل محمد علي وسيف اليزل بابكر
أعلنت السعودية أول من أمس إشهار هيئة لسوق المال وتشكيل مجلس إدارتها اثر انتظار دام نحو عام وبعد موافقة المجلس الاقتصادي الأعلى على مشروع نظام السوق المالية السعودية، أو ما يعرف بهيئة سوق المال في 16 يونيو (حزيران) 2003. وتزامن هذا الاشهار مع مطالبات بضرورة تحقيق الهيئة العدالة والشفافية وإخراج الشركات الخاسرة من السوق، ومتوافقاً مع ما أكدته «الشرق الأوسط» في عددها الصادر بتاريخ 25 يونيو (حزيران) الماضي.
وجاء إعلان خادم الحرمين الشريفين بإشهار الهيئة وتشكيل مجلس إدارتها بعد ان اختير جماز بن عبد الله السحيمي رئيسا لها بمرتبة وزير، وإبراهيم بن محمد الرميح نائبا للرئيس، ومحمد بن مغنم الشمراني عضوا، والدكتور عبد الرحمن بن عبد المحسن الخلف عضوا، و الدكتور عبد الله بن حسن العبد القادر عضوا. ويأتي الاعلان في ظل ما يتسم به نظام السوق المالية السعودية بالمرونة الكافية بعد رسم خطوط عريضة تنظم عمل جهة الإشراف وعمل الوسطاء، ووضع الورقة المالية. وترك النظام للهيئة حرية الحركة في العمل وفق مقتضايات السوق بآلية لا تحتاج الرجوع للمشرعين أثناء تأدية العمل اليومي، أو تقسيم القيم الاسمية للأسهم، مما يعد تفويضا إيجابيا للهيئة يتيح لها التعامل حسب الحالة السائدة، ووفق النظام ولائحتة التنفيذية، وتحديثها وفق ما يستجد.
وأكد عبد الله الحقيل رئيس مجلس إدارة البنك السعودي البريطاني أنه وعلى الرغم من كافة الجهود المقدرة التي بذلت منذ انطلاقة سوق الأوراق المالية في السعودية والنقلات النوعية التي شهدتها خلال مسيرتها، إلا أن كل ذلك لم يكن كافياً للحاق بركب الأسواق المالية في الدول المتقدمة من دون وجود هيئة تنظيمية يناط بها وضع الأطر المنظمة والرقابية لآلية عمل السوق، الأمر الذي تجلّى في صدور القرار السامي والقاضي بتسمية رئيس وأعضاء مجلس إدارة هيئة السوق المالية الذي جاء ليلبي ويكمل احتياجات هيئة سوق الأوراق المالية السعودية سواء كان من ناحية التنظيم أم التشريع أم الرقابة وما يترتب على ذلك من تحقيق للعدالة والشفافية والمساواة المنشودة داخل السوق.
وبين الحقيل أن قرار تشكيل مجلس إدارة هيئة سوق المال سيشكل منعطفا مهماً في مسيرة سوق الأوراق المالية السعودية، وسيضيف لبنة أساسية لبنيتها الكفيلة بحماية المستثمرين والمتداولين وضبط عمليات الإصدار والإيداع والتداول، وفرض عقوبات ملائمة على المخالفين وغيرها من المهام والضوابط والنظم القانونية والإدارية والتنظيمية والمالية التي فصلها النظام الجديد لهيئة سوق المال السعودية والمنوط أمر تطبيقه على رئيس وأعضاء مجلس إدارة الهيئة.
وطالب فهد العثمان عضو لجنة سوق المال في غرفة الرياض بأن تعمل هيئة سوق المال على معالجة وضعية الشركات الخاسرة التي دائما يقبل عليها المضاربون وبشكل يضر بالسوق، إضافة إلى خلق عدد من المنتجات الاستثمارية لاستيعاب حاجة السوق والسيولة النقدية.
وقال العثمان إن وجود الهيئة سيعمل على الحد من المخالفات التي يقوم بها المضاربون، مطالباً في ذات السياق بأن تعمل الهيئة على إعادة النظر في حساب المؤشر كون أغلب الشركات التي تقود السوق تعود ملكيتها للدولة الأمر الذي يؤثر على سوق الأسهم.
وأكد العثمان على ضرورة أن تحمل الهيئة بإدارج العديد من الشركات ذات الجدوى الاقتصادية والمربحة في سوق الآسهم الأمر الذي يخلق توازنا للسوق ومدخرات للمستثمرين.
من ناحية اخرى شدد خبراء سعوديون في سوق المال أن إنشاء هيئة سوق المال في البلاد التي ستتولى مهمة متابعة هذا السوق ستساهم في حل كثير من المشاكل التي من أهمها منع احتكار البنوك للقيام بأعمال الوساطة والسماح للشركات المساهمة القيام بهذا العمل. ويرى أعضاء لجنة سوق المال في غرفة تجارة الرياض التي يرأسها الدكتور عبد الرحمن الحميد، أن المشكلة في هذا السوق تكمن في عدم تطبيق القوانين والأنظمة على الشركات والمتآمرين في السوق، منوهين إلى أن التطبيق لن يتم إلا من خلال هيئة سوق المال التي أشهرتها السعودية أمس، معددين في الوقت نفسه مميزاتها المتمثلة في كونها ستساعد على تطوير الأدوات المالية ودفع مستثمرين جدد للسوق وإعطاء السوق صفة المصداقية، بالإضافة إلى الشفافية في المعلومات. وأجمع هؤلاء الخبراء بأن وجود الهيئة لن يؤثر في شكل التداول، الا ان الامر الذي سيطرأ عليه تغيير هو القرارات وتطبيق قضايا نظامية لم يتعود عليها المتعاملين، مبينين أيضا بأنه سوف يكون هناك نوع من الأمان والثقة والإحساس بأن العمل أكثر جدية بحيث يحصل جميع المستثمرين على فرص متكافئة وسرعة التنفيذ. وبينما توقع خبراء سوق المال بأن يكون هناك تقليص في عمليات التداول في بداية قيام الهيئة، لكنهم أشاروا إلى أنه سرعان ما ستزداد عمليات التداول بعد تفاعل المتعاملين مع السلطة القضائية في السوق.
كما عدد هؤلاء الخبراء الإيجابيات الناجمة عن قيام هذا السوق في ارتفاع درجة الإفصاح بشكل عام ووضوح الشفافية، والحصول على سيولة كبيرة بسبب دخول مستثمرين جدد في هذا السوق، كما أن نظام التقاضي سيكون متطور ويضمن حقوق المتعاملين في هذا السوق من الضياع، بالإضافة إلى أنه سيكون هناك تحسن في القرارات الاستثمارية.
منوهين إلى أن السلبيات المتصلة بهذا الجانب تنحصر في أنه في ظل عدم قيام هيئة لسوق المال سيؤدي ذلك إلى تلاعب البعض في السوق وضياع للحقوق.
من ناحية اخرى كشف أمس متعاملون في سوق الأسهم السعودية عن مخاوفهم من أن يؤدي إشهار هيئة سوق الأوراق المالية إلى انهيار في أسعار الأسهم السعودية، كونها ستسمح بدخول المستثمرين الأجانب المعروفين بخبراتهم في الأسواق، مما يدفع لانهيارها بعد فترة قليلة من ازدهارها على حد قولهم، مستشهدين بما فعله المستثمرون الأجانب في أسواق آسيا والمكسيك خلال فترة التسعينات. مؤكدين على أن مثل هؤلاء يطلق عليهم تسمية «ناقلي العاصفة» إذ أنهم يدخلون سوقا معينة ويقومون برفع اسهمها ثم بيعها بعد ذلك وبالنتيجة يغادرون إلى سوق أخرى ناقلين معهم العاصفة. وعلى الرغم من ذلك، يرى فهد الحميدي أحد المتعاملين السعوديين في سوق الأسهم أن دخول الأجانب سيعمل على توسيع دائرة السوق وزيادة حجمها، الا انه اشار الى ان ذلك يجب ان يتم وفق شروط معينة في المرحلة الأولى مثل عدم السماح لهم بالاستثمار في أسهم الشركات الوطنية الكبرى مثل «سابك»، كما يجب أن يكون دخولهم وفق نسب معينة لا تتعدى في المرحلة الأولى عشرة في المائة.
وطالب متعاملون في سوق الأسهم أن تقوم هيئة سوق الأوراق المالية بالعمل على تحقيق العديد من مطالبهم واهمها، تقصي مشاكل السوق من كافة النواحي والعمل على معالجة الخلل الذي يحدث حاليا، إن كان في الأنظمة أو المضاربات، ودعوا الى ان تكون الهيئة أداة قوية لتنظيم السوق ووقف التلاعب من قبل كبار صناع السوق والمضاربين. كما طالب البعض أن تعقد لقاءات دورية مع كافة المتعاملين في السوق والصناع وكبار المضاربين بهدف تحديد احتياجاتهم وحل مشاكلهم.