«معدلات الدين بلغت مستويات عالية جدا في كل الاقتصاديات العالمية، ما ترك النظام المالي عرضة لمخاطر تشديد السياسة النقدية من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي».
هذا ما حذر منه «بنك التسويات الدولية» في سياق تقرير نشرته صحيفة «تليغراف» البريطانية وأكد أن الاضطرابات التي شهدتها الأسواق العالمية في الأسابيع الأخيرة وكذلك هروب رؤوس الأموال من الصين كلها مؤشرات تحذيرية على حصول أزمة ائتمانية وشيكة، ناهيك عن المخاوف من عدم قدرة صانعي السياسات على السيطرة على الأحداث.
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين في بنك التسويات الدولية كلوديو بوريو: «إننا لا نرى أزمات منعزلة عن بعضها، ولكننا نلمس ضغوطا تراكمت تدريجيا على مدار سنوات جنبا إلى جنب مع المستجدات الأخيرة في الأسواق العالمية».
وأفاد البنك بأن إجمالي معدلات الدين تزيد الآن عن أعلى مستوياتها خلال الدورة الائتمانية الماضية في 2007، أي قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية.
وارتفعت معدلات الديون العامة والخاصة مجتمعة بمقدار 36 نقطة مئوية منذ ذلك الحين إلى 265% من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصاديات المتقدمة.
وفي هذا السياق، أشار بنك التسويات الدولية الذي يطلق عليه «بنك البنوك المركزية» إلى أن الأسواق الناشئة لم تسلم هي الأخرى من الأزمة الائتمانية، قائلا إن إجمالي الدين قفز بمعدل 50 نقطة مئوية إلى 167%، وزاد إلى ما نسبته 235% في الصين.
الاقتراض الخارجي
وبلغــت معـــدلات الاقتــراض الخارجي بالدولار الأميركي مستويات قياسية، مسجلة 9.6 تريليونات دولار، وهو ما يرجع بصورة رئيسية إلى انتقال التأثيرات الخاصة بانعدام سعر الفائدة وسياسة التسهيل الكمي في الولايات المتحدة.
ومهد هذا، والكلام لايزال للتقرير، السبيل أمام تزايد الضغوط العالمية التي يتعرض لها الدولار في الوقت الذي يعدل فيه الاحتياطي الفيدرالي من سياساته وبدأ في استنزاف السيولة الدولارية من الأسواق العالمية.
وزادت القـــــروض الممنوحة بالدولار إلى الأسواق الناشئة بمعدل الضعف منذ أزمة مجموعة « ليمان برازرز» المصرفية لتبلغ 3 تريليونات دولار، علما بأن جزء كبيرا من هذا المبلغ قد تم اقتراضه بسعر فائدة حقيقي منخفض لم تتجاوز نسبته 1%.
الديون الأسرية
فــي غضون ذلك، لفت بنك التسويات إلى أن بريطانيا وإسبانيا والولايات المتحدة أقدمت على خفض معدلات الديون الأسرية لكن هذا لايزال غير كاف لتعويض القفزة الكبيرة في مستويات الدين العام منذ انهيار «ليمان برازرز».
وشهدت فرنسا التدهور الأسوأ من بين الدول الكبرى المتقدمة في العالم، حيث زاد إجمالي مستويات الدين غير المالي بمعدل 75 نقطة مئوية إلى 291%، لتتجاوز بريطانيا (269%) وذلك للمرة الأولى في عقود.
وفي المتوسط، يرى بنك التسويات الدولية أن الزيادة بمعدل 100 نقطة في سعر الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيقود حتما إلى ارتفاع بمقدار 43 نقطة في الأسواق الناشئة والاقتصاديات المتقدمة المفتوحة، مع وجود تأثيرات سلبية قوية على أسعار السندات على المدى الطويل.