تواصل سوق المال السعودية نزيفها المخيف خلال الأيام القليلة التي مرت من عام 2016، مسجلة تراجعاً بأكثر من 10 % من قيمتها الإجمالية خلال آخر ثلاثة أيام، وهو ما دعا متخصّصين في الشأن الاقتصادي؛ للتأكيد أن مستقبل سوق المال يُنذر بالخطر، إذا لم تكن هناك إجراءاتٌ احترازية عاجلة وحاسمة، يتم اتخاذها لتعديل مسار السوق، وإعادة هيبتها المفقودة، كسوق استثمارية أساسية في السعودية، بجانب سوق العقار، مشيرين إلى أن حظوظ العقار السعودي أفضل اليوم من سوق المال.
هبوط حاد
تكبّد مؤشر السوق، يوم الثلاثاء الماضي، خسائر بلغت 164.09 نقطة، منخفضاً بنسبة 2.36 %؛ ليغلق عند مستوى 6788.17 نقطة، ويوم الأربعاء تكبّد المؤشر خسائر بلغت 225.45 نقطة، بنسبة انخفاض 3.34 %؛ ليغلق عند مستوى 6517.71 نقطة، بتداولات تجاوزت 5.2 مليار ريال، وفي يوم الخميس، شهد السوق هبوطاً حاداً في آخر جلسات الأسبوع، مع تراجع مؤشر السوق السعودية بنحو 4.5 %، مسجلاً أكبر هبوط يومي له منذ أغسطس، ليُغلق عند 6225 نقطة، وهو أقل مستوى إغلاق له منذ ديسمبر 2011، وتضاف خسائر المؤشر في 2016، مع خسائره في عام 2015، البالغة أكثر من 17 %، بحسب هيئة السوق المالية "تداول".
مخيف وكارثي
أكّد محللون اقتصاديون، أن سوق المال باتت خارج حسابات المستثمرين السعوديين والأجانب، وبحاجة إلى إعادة صياغة شاملة وكاملة، لترتيب أوراقها المبعثرة، وقالوا: "وضع السوق مخيف، وخسائرها كارثية، فلا يمكن أن يتحمّل المستثمرون، وبخاصة الصغار منهم، أوضاع السوق بهذه الآلية المترنحة".
إجراءات لا تحمي
وتابعوا: "خلال آخر ثلاثة أيام من الأسبوع الماضي، خسر المؤشر نحو 10.2 %، الأمر الذي يشير إلى أمر مهم، وهو أن المضاربين في السوق، مازالوا طلقاء، يمارسون هوايتهم في التلاعب بالسوق كيما يشاؤون، دون رادع أو حسيب ، وسوق المال أعلنت إجراءات لحماية السوق من عمليات المضاربة، بالتزامن مع فتح السوق للأجانب، ولكن - مع الأسف الشديد -، لم تحم هذه الإجراءات السوق من المضاربات، وظل الوضع كما هو، ما يؤكّد أن سوق المال في حاجة إلى المزيد من الإجراءات التي تتصف بالحزم والسرعة، للحيلولة دون المزيد من التراجع الذي يقلق المستثمرين، وينذر بعواقب وخيمة".
أسماك و"هوامير"
قال أحد المستثمرين المليونيين لـ "سبق": "سوق المال لسنوات قريبة، كانت إحدى سوقين رئيستين للاستثمار في المملكة، بجانب سوق العقار، وأؤمن أن أغلبية صغار المستثمرين في سوق المال غير مطمئنين من تبعات سوق المال ومستقبلها كوعاء استثماري مهم، وعدد كبير منهم بدأ ينتقل إلى سوق العقار، رغم ما فيها من عقبات وعوائق، بيد أن أرباحها أكثر ضماناً من سوق المال"، مشيراً إلى أن الأسماك الصغيرة تترنح في السوق صعوداً ونزولاً، في حين أن المضاربين الكبار "الهوامير" طلقاء في بحر السوق يراقبون من بعيد.
ودعا المستثمر، المجلس الاقتصادي الأعلى في المملكة، إلى الالتفات إلى سوق المال، واتخاذ كل الإجراءات والخطوات التي من شأنها أن تعيد للسوق مكانتها المفقودة".
ثقة مفقودة
يقول: "الثقة باتت مفقودة بسوق المال، والأجانب الذين فُتح لهم الاستثمار في السوق، باتوا متردّدين في الدخول بكل ثقلهم، كما كان متوقعاً، والأغلبية تترقب وتنتظر استقرار الأوضاع في السوق، واستحداث إجراءات جديدة، تحول سوق المال من سوق مضاربات إلى سوق للاستثمارات طويلة المدى".
3 تصنيفات
وأشار إلى أن أهم ما يحتاج إليه السوق في الفترة المقبلة، تصنيف الشركات المدرجة فيه إلى ثلاث فئات، وهي: "أ" للشركات القوية والعملاقة في رأس مالها وعدد موظفيها والملاءة المالية، وشركات "ب" للشركات الأقل منها في كل هذه المزايا، وفئة "ج" للشركات الأقل، حتى يعرف المستثمر في أي الشركات سيوظّف أمواله".
استثمارات جديدة
أكّد المستثمر حاجة السوق إلى المزيد من ضخ الاستثمارات الجديدة، عبر إدراج عدد أكبر من الشركات العائلية فيه، لتعزيز الملاءة المالية للسوق، إلى جانب تشجيع الشركات الحكومية والخاصة على الدخول للسوق، ولكن - مع الأسف - لا أقول جديداً إذا أكّدت أن الشركات العائلية متردّدة في الدخول إلى سوق المال، خاصة أنها ترى نماذج لشركات عائلية سبقتها إلى سوق المال، ولكنها غير مستقرة وتعاني مشكلات بسبب تراجع أسهمها.
لم تعد مشجعة
من جانبه، ألمح العقاري ياسر عوض، إلى أن سوق المال السعودية لم تعد مشجعة على جذب الاستثمارات، كما كان في السابق، موضحاً أن صغار المستثمرين يفضلون الاستثمار في سوق العقار على سوق المال.
تفضيل العقار
يقول: "رغم صعوبة الاستثمار في سوق العقار، ورغم المشكلات التي تكتنف هذا القطاع من غلاء الأراضي وتراجع المبيعات في القطاع الخاص، بسبب الإقبال على منتجات الدعم السكني، إلا أن المستثمر يفضل العقار على سوق المال.
ترقب وخروج
يضيف: "أعرف عدداً كبيراً من صغار المستثمرين في سوق العقار، يترقبون الوقت المناسب، لارتفاع الأسهم قليلاً، ثم الخروج من السوق بأقل الخسائر، والتوجّه إلى سوق العقار، للاستثمار فيها"، ويقول: "اعتاد المواطن الاستثمار في إحدى سوقين، لا ثالثة لهما، وهما العقار والمال، اللذان تبدو العلاقة بينهما طردية، فإذا جذب قطاع ما مزيداً من الاستثمارات، نجد أن القطاع الثاني فقد النسبة نفسها تقريباً.