الخميس - 15 جمادى الآخرة 1437 هـ - 24 مارس 2016 مـ رقم العدد [13631]
حسين شبكشي
اعلاميّ ورجل اعمال سعوديّ وعضو مجلس ادارة شركة شبكشي للتّنميّة والتّجارة وعضو مجلس ادارة مؤسّسة عُكاظ للصّحافة والنّشر
أداء المؤسسات الاقتصادية في الظروف الإيجابية والخالية من التحديات الاستثنائية لا يعتد به كثيرًا، فهناك «موجة» قوية من الحالة الإيجابية تأخذ بيد القطاعات كأنها في حال تحكم آلي من بعد، ولكن قياس الأداء الأهم يكون في الظروف القاسية المليئة بالتحديات.
ولفت نظري وبقوة الأداء العقلاني والمتزن والمهم لهيئة السوق المالية، وهي جهة رصينة تعمل بثقة وثبات وهدوء وتعتمد على الأداء المحترف والمهني المتقن.
إن أداء هيئة السوق المالية بالسعودية يبعث إلى الاطمئنان، وكان الأساس في ذلك هو الاعتماد على المهنية العميقة والقرارات المدروسة بعيدًا عن الضجيج الإعلامي المزعج. لقد اهتمت الهيئة وفريقها المتمكن بالتركيز على الأنظمة والقوانين وتوكيد الثقة بالهيئة مع المساهمين عبر طرح شركات محددة بأعداد مدروسة وقيم معقولة، الغرض منها تقديم شركات مستحقة الطرح من الناحية النوعية بدلاً من التركيز على الطرح العددي للشركات.
إدارة السوق لا علاقة لها بقيمة السوق؛ فالأولى لها علاقة بالأسس النظامية والقواعد القانونية للمنظومة الإدارية التي تسيّر السوق، أما الثانية فلها علاقة بظروف دولية وحالات نفسية وعوامل سياسية وقرارات عامة وكبرى.
في ظل مناخات اقتصادية عالمية مضطربة، وفي ظل هبوط حاد لكل السلع (بما فيها النفط)، وكذلك في ظل اضطرابات سياسية في المنطقة يكون من البديهي أن يصيب الأسواق المالية الهبوط الحاد الذي أصابها، وبالتالي هذا الهبوط لا ينعكس على نجاعة أسلوب الإدارة من عدمه. الثقة بالبورصة السعودية لم تتأثر، بل على العكس هناك إحساس مهم ولافت بأنها أحد أهم نماذج النجاح الإداري في المنظومة الاقتصادية في المملكة العربية السعودية. أيضًا لا تزال أسواق الأسهم إحدى أهم وسائل إنعاش الاقتصاد في أي من أسواق العالم، فالبورصة قادرة على خلق مناخ مرحب جدًا لجذب الأموال وبأحجام كبيرة، سواء أكانت الوطنية منها أو الخارجية التي تأتي عبر الأشخاص أو الصناديق المؤسساتية وفي كل الأحوال هذه عناصر لافتة لإحداث نقلة نوعية في المناخ الاقتصادي الجاذب للمال. في ظل هبوط أسعار النفط بشكل قياسي، وهي السلعة الرئيسية للاقتصاد السعودي، لا تزال البورصة السعودية تشكل نقطة جذب استثمارية وطمأنينة للمستثمر، بسبب أدائها الإداري وليس فقط بأدائها الاستثماري وأداء الشركات فيها، وهذا يحسب لإدارتها والفريق المميز الموجود بها.
هناك تحديات موجودة ولا شك وجارٍ تطوير كثير من عناصر الجذب وإزالة العقبات وتكريس الثقة، ولكن الأهم أن طرح الشركات أصبح يتم بوتيرة ذات ثقة ومصداقية وجدارة ودراية أهم بكثير، وهذا في نهاية المطاف يحسب للهيئة وللاقتصاد السعودي ككل.
الأداء المميز لهيئة السوق المالية السعودية في وسط مناخ عالمي مضطرب يمنح الطمأنينة والثقة ويبشر بميلاد نجم إداري متألق جديد، وهذا في حد ذاته إضافة لافتة وقصة مشرفة في وقت لا يتم التركيز فيه إلا على القصص السلبية.
الأسواق المالية إحدى الإدارات الفعالة والمؤثرة لأي اقتصاد طموح، واليوم والسعودية ترغب في تطوير اقتصادها بشكل جدي فإن تطوير السوق المالية فيها أحد أهم العناصر التي ستؤدي إلى ذلك.