طلب مني ان ارويها لكم على لساني
كان يعيش حياده متواضعه في حي فقير
ملابسه رثه قوته على الكفاف اشعث الشعر اغبر المحيا
سكان هذا الحي طبقه بهم من الصفات والسجايا القبيحه الكثير والحسد والتطفل والانانيه يتسابقون الى خطف اللقمه من بعضهم البعض وبهم نفر نصبوا من انفسهم دور العراب والموجه لكل قيم الحي فاضحوا كمظله تصد كل نور جديد وقادم من الاتجاه الاخر فامسوا في ظلمه يعمهون
يقطن غرفه صغيره تعتلي احد البنايات التي لامصعد بها
حباه الله بموهبه الاعمال الكهرباءيه لاتوجد آله او سياره او جهاز به خلل الا واصلحه
ذاع صيته في الاحياء المجاوره فاصبح مقصد للفقراء من المعسرين الذين يعمل لهم ولا يدفعون
تراكمت ديونه وقل النقد في جيبه وطرده صاحب العماره لعد سداده مستحقات الاجار المتأخره لعدة شهور
اخذ يهيم على وجه في ازقة الحاره الضيقه
والكل يتجاهله ويتنكر له حتى من كان له دين عليهم
وفي ليله قمريه وهو واقف تحت اعمدة النور المائله وينفث دخان سيجارته ويتمتم بين نفسه
وقف بجانبه سياره فان مصفحه
نزل منها رجال مفتولي العضلات القوا عليه التحيه وطلبوا منه الركوب فرض فهو لا يعرفهم
فمكا كان منهم الا ان حملوه حملا وكمموا فاه والقوا به في جوف العربه
وان هو زمن ليس بالكبير حتى فتح عينيه ووجد نفسه في قصر منيف فخم البناء والاثاث وامام رجل بهي الطلعه حسن الهندام
وقال له مرحبا سمعنا عن موهبتك في الاشغال الكهربائيه
وقال لهم من انتم ماذا تريدون مني
قال له هذا الخمسيني الذي تبدوا على ملامحه الاستقراطيه
واخبره انه جهز له جناح عصري به ملابس حديثه وطب منه انه يسترخي به ويرتاح ويغير من هندامه وفي المساء سيلتقيه
كان الجناح آيه في الفخامه والجمال والملابس في غاية الحسن
وبه من الطيبات مالذ وطاب وتحت امره خادم بالاشاره يحضر ويقدم الخدمه له على اكمل وجه , استحم وازال من جسده وعثاء شهور من الارهاق والوسخ الذي علا جسده في ازقة الحي الفقير ونام حتى الثمالى واستيقظ وارتدى اجمل الحلل
وخرج لصاحب القصر الذي قال له
ستعمل في مصنعي للمعدات الثقيله وسامنحك اجرا كبيرا
وهناك سأله ولكن لما الاختطاف كان بالامكان ان تعرض هذا العرض من غير اختطاف ضحك صاحب القصر وقهقه كثيرا وقال له
لان كنت سترفض فمن عاش بفكرك ومزاجك وتركيبتك النفسيه وتشربت نفسه طراز حياة مجتمعك القديم ورفض كثير من عروض العمل في احياء اخرى اكثر مدنيه وحضاره لن يقبل
اتراك تحسب انه لم نجرى عليا بحثا مستفيضا
ستقيم بالقصر وستفرض عليك حراسه مشدده في الاقامه وفي الخروج وفي العمل وسنهبك من الاموال تحى التخمه نظير ماتقدم
وامضى شهور كثيره في العمل من خلال بيئه جديده واناس مختلفين ونماذج بشر راقيه في الطباع والخلق والقيم
ابدع في العمل وحقق الكثير من الاعمال المبدعه فنيا في مجال الكهرباء
ورويدا ويدا بدا ينسلخ من حياته القديمه ويتطبع بطباع الحياه الجديه الهانيئه النظيفه الرغده
استحال شخص آخر فكرا وهنداما وحيويه
تم فك القيود عنه واصبح حرا طليقا بامكانه العوده مجددا الى حارته القديمه وحدثته نفسه يوما بالوقف عليها وزيارتها
وذهب ذات ظهيره اليها فوجدها كما هي لم يطرأ عليها وعلى اناسها أي تغيير والتف حوله الكثير ومنهم صاحب العماره الذي طرده ومده له مستحقاته المتاخره وفوقها ترضيه
واحس بدوار وغثيان وضيقة نفس فلم يعد يستسيغ البقاء فيا اكثر من ذلك وهو الذي كان فيما ممضى لا يطيق مغادرتها
عاد الى صاحب القصر والذي بادره بسؤال هل حننت الى العوده الى محجرك القديم , ومربعك فيما مضى من زمن لك الان الحريه بالعوده
فاجابه كلا سيدي والف كلا فلقد اسديت لي معروفا كبيرا وفضلا عظيما
فلقد اخرجتني بفضل الله ثم فضلك من الظلمات الى النور ومن اليأس الى الامل ومن العوز والكفاف الى الغنى والعيش الميسور واني اتواسل اليك ان لا تفك وثاقي وان لاتنهي اختطافي فكم هو جميل بل اني من سيدفع لك من المال كيلا تنهي هذا الاختطاف
ضحك صاحب القصر حتى احمرت وجناته وقال الحمد الله ان اصبت من الخير نصيبا وافرا واني سعيد بما اسمع الان اذهب فانت طليق طالما ان فكرك تغير ونظرتك استحالت صوب زاويه جديده فلا حاجه الى الوصايه
استمر في حياته الجديده وتزوج وخلف وغادر حياته القديمه
كثيرا هي الافكار التي ننغمس بها ولا نطيق الانعتاق منها ونزمجر ونغضب لمن يريد ان يفرضها علينا وهي تحمل في داخلها الكثير من الخير والنفع
كثيره تلك النماذج من الحياه المدنيه والعصريه والخروج الى آفاق اكثر رحابه واكثر تحضرا يتحقق بها العيش الهانئ الكريم والحسن والانسلاخ من فكر قديم ملوث ببعض رواسب التخلف والفكر المعوج ومقامة النفس البشريه التي بطبعها تحارب الجديد وتلفظه لانها تاقلمت على حياه رتيبه ونمطيه احاطتها بالاغال وحجبت عنها الرؤيه المبصره والمفضيه الى كل خير
وعندما تفرض فرضا لامجال لان يكون لك من الخيار سعه او مساحه قرار
وتتعود عليها وتألفها وتتعاطى معها
تتذكر لك زمنا مضى وتسخر من نفسك وتضحك كيف كنت اتمسك بمن كان لي من الظلام سكنا ومن التخلف ماوى وكيف كنت اهنأ به ويطيب لي
ليس كل قيم الزمن القديم وليست كل المورثات بشعه ولكن فيها الكثير من الاغلال والقيود التي تمنعنا من الانكشاف والاطلاله على حياه جديه منعمه ومترفه وجميله نفسيا وفكريا واجتماعيا
والان كم منكم من تحدثه نفسه ان يكون نصيبه كنصيب صاحبي
احيانا تحدثنا انفسنا بان ننسلخ من ذواتنا ونغير حياتنا ونولد من جديد ونبدأ بدايه مغاير في مكان آخر وننفصل عن كل مايذكرنا بتاريخ مضى ونقطع كل خيط يربطنا بحياة مضت كرهناها وامقتناها في دواخلنا ونرى بها كل مظاهر الفشل ونج انفسنا امام معادله صعبه جدا لا نجن الذين نطيق الاستمرار به والتكيف معها ونذوق المر يوميا في كنفها ولا نحن نجد باب مواربا ندلف منه الى حياه جديه ونسدل الستار على حياه قديمه بائسه