كان حاد الذكاء
عيناه كعيني باشق
جريء في طبعه
جسور
محدث
يتصدر المجالس
وله وقار الشيوخ
وفي يوم من الايام
وهو في احد المناسبات بين جماعته
على صحن وليمة
تنحنح مصهللا
فما كان منه الا ان ضرط دون قصد
فصمت الرجال
وكانت عيونهم كالحراب عندما ينظر اليها
لقد كسر الرجل
ولم يعد ذلك الشامخ المتحدث الوقور
كان الرجال يتغامزون تجاهه
كلما رأوه بمناسبة وبغير مناسبة ايضا
وعلى الرغم من تسارع الأحداث
وانشغال الناس بأمورهم
الا انهم ما ان يروه يتذكرون الحادثه
لذلك قرر الرحيل
فرحل
هاجر بعيدا عن دياره
في زمن لم يكن العالم فيه قرية
بل جزر متناثرة
قبيل ثورة النفط
تلك الحادثة جعلت ذلك الرجل
ينزح من بلده الى بلد اخر
ليعيش في مجتمع أعاد له كبرياءه
يمارس فيه طقوس شخصيته القديمه
والتي افتقدها بعد تلك الحادثه
أعاد ترميم نفسه
وابتسمت له الظروف فقد واكب اول طفره
تمر بها البلاد
وتوالت السنين بالطفرات
حتى اصبح من أثرياء البلد
ثلاثون عاما مرت به غريب
لكن المال في الغربة اهل ووطن
بعد تلك السنين الطويله
عاد الى ديار عشيرته
فوجدها كما تركها
تغير كل شي
حتى الرجال الذين احدث بينهم
توفاهم الله ولم يلقى منهم احد
فزالت شكوكه
بعد ان احتفى به الجميع
وعملوا له وليمه تداعى اليها الكبير والصغير
في تلك الليله الاحتفائية
دارت الأحاديث بين جيل لا يعرفه
وكان يستمع بإنصات
فاختلف رجلان كانا يتناقشان بحده
فالتفت احدهم الى الجمع محتجا متسائلا قائلا :
يا جماعة الخير سنة الجراد اليست قبل سنة ضرطة فلان
فعرف صاحبنا انه المقصود
فقرر الرحيل
ولكن هذه المره أبدا
وليس الى احدى البلدان المجاروره
بل الى البرازيل