ما ان أمن المسلمين حرب قريش , حتى دبت أقدامهم في أمحاء الأرض , يحملون رسالة
رب العالمين إلى العالمين , ورسول الله - صلى الله عليه وسلم , يعلم أن رسائله ستصل
إلى قوم , الشكل عندهم يسبق المضمون , لذا أتخذ لنفسه خاتماً منفضه , جعل نقشه "محمد رسول الله "
وانتقى صلى الله عليه وسلم - من صحابته اهل المعرفه والخبره , ليرسلهم إلى ملوك
العالم فسعوا بكتبه عليه سلام ربي , إلى النجاشي والمقوقس , وإلى كسرى , وقيصر
, وإلى المنذر بن ساوى , وهوذه بن على , والحارث بن أبي شمر , وكذالك إلى ملك
عمان , فأصاب كل من خير الإسلام ما يحسب ما هو أهل له ..
هذا كتاب محمد النبي إلى النجاشي الأصحم عظيم الحبشه , سلام على من اتبع الهدى
, وآمن بالله ورسوله , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , لم يتخذ صاحبة ولا
ولد , وأن محمدا عبده ورسوله , أدعوك بدعاية الإسلام , فإني أنا رسوله فأسلم تسلم
:- ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به
شيئاً , ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله , فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا
مسلمون ) فإن أبيت فإن عليك إثم النصارى من قومك .
وهنا وضع النجاشي الكتاب على عينيه , ونزل عن سريره إلى الأرض , وأسلم على
يد جعفر بن أبي طالب وطاعة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل النجاشي
مهاجري الحبشه في سفينتين مع عمر بن أميه , وقد حملهم بجوابه إلى رسول الله -
صلى الله عليه وسلم , والذي يقول فيه :-
إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمه :- سلام عليكيا نبي الله من الله , ورحمة الله
وبركاته , الله الذي لا إله إلاهو أما بعد ,,,, فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت
من أمر عيسى , فورب السماء والأرض , أ، عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقا (
وهي العلاقه ما بين النواة والقشره ) , انه كما ذكرت , وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ,
وقد قربنا ابنعمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقا مصدقا , وقد بايعتك , وبايعت
ابن عمك , وأسلمت على يديه لله رب العالمين
فوصل المهاجرين بالكتاب الى النبي -عليه السلام وهو بخيبر...
أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم ,, عبدالله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك فارس
, برسالة قال فيها عليه السلام :-بسم الرحمن الرحيم , من محمد رسول الله إلى
كسرى عظيم فارس , سلام على من اتبع الهدى , وآمن بالله ورسوله , وشهد ألا إله
إلا الله وحده لا شريك له , وأن محمد عبده ورسوله , وأدعوك بدعاية الله , فإني أنا
رسول الله إلى الناس كافه لينذر من كان حيا , ويحق القول على الكافرين , فأسلم
تسلم , فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك . وقرأ الكتاب على كسرى فمزقه , وقال في غطرسه :-
عبد حقير من رعيتي يكتب أسمه قبلي , أهذا ما جال بخاطر كسرى (: ,,, ؟ كيف
يكتب اسم محمد قبل اسمه ؟ حقا إن ملوكا هكذا هي عقولهم لا ينبغي لملكهم أن يدوم
,وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم , حينما بلغه ما صنع كسرى ,, فكان ما قال
, قثد كتي إلى باذان عامله باليمن , ابعث هذا الرجل بالحجاز رجلين جلدين , فليأتياني
به .
وأسرع باذان بإنفاذ أمر سيده , وفوجئ المسلمون برسولي باذان يدخلان على النبي -
صلى الله عليه وسلم , وأحدهما يأمره أن ينهض معه ليمثل أمام كسرى !
ولم يعنف النبي -صلى الله عليه وسلم ,, واحدا من الرسولين , وإنما طلب منهما أن
يلاقياه غدا , فلما جاءاه أخبرهما أن الوحي أعلمه بقتل كسرى على يد ابنه , وأنتهاء
ملكه , وأمرهما أن يقولا للملك الجديد :- إن أسلمت أعطيتكما تحت يدك , وملكتك على قومك من الأبناء .
فعاد الرسولان إلى باذان يتعجبان , وبعد قليل جاء كتاب من شيرويه بن كسرى بقتل
أبيه , وعدم رغبته في التعرض لمحمد , فكان ذالك سببا في إسلام باذان , ومن معه
من أهل فارس باليمن ..
فأجابه أبو سفيان بأنه من أشرفهم نسبا وبأن أحدا لم يأت بدعواه من قبل , فهو ليس
بمقلد , ولم يكن أبوه ملكا يبحث عن ملكه الضائع , وبأنه غير متهم فيهم بالكذب , ولا
يعرف عنه الغدر , وأن أتباعه الضعفاء , وهم يزيدون ولا يرتد منهم أحد , وأنه يأمر
اعرب أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا , وينهاهم عن عبادة الأوثان , ويأمرهم
بالصلاة والصدق والعفاف .
وهنا انطلقت كلمات قيصر قارعة بالحق أسماع من حضر من مشركي قريش :-
أن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين , وقد كنت أعلم أنه خارج , ولم أكن
أظن أنه منكم , فلو أني أعلم أنى أخلص إليه لتجشمت لقاءه , ولو كنت عنده لغسلت
قدميه . ثم أخرج مشركى قريش حينذاك من مجلسه , وأعطى دحية مالا وكسوة هدية
له .
الكتاب إلى المنذر بن ساوى
ان المنذر بن ساوى حاكم البحرين حين وصلته رسالة رسول الله -صلى الله عليه
وسلم ,, مع العلاء بن الحضرمي , بعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم ,, كتابا يقول
فيه :-
أما بعد يارسول الله , فإني قرأت كتابك على أهل البحرين , فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه , ودخل فيه , ومنهم من كرهه , وبأرضي مجوس ويهود , فأحدث إلى فبذالك أمرك .
فأجابه النبي - صلى الله عليه وسلم ,, قائلا:-
بسم الله الرحمن الرحيم ,, من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى , سلام عليك ,
فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو , وأشهد أن محمدا عبده ورسوله , أما بعد فإني
أذكرك الله عز وجل , فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه , وإنه من يطع رسلي ويتبع
أمرهم فقد أطاعني , ومن نصح لهم فقد نصح لي , وإن رسلي قد أثنوا عليك خيرا ,
وإني قد شفعتك في قومك , فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه , وعفوت عن أهل
الذنوب , فأقبل منهم , وإنك مهما تصلح فلم نعزلك عن عملك , ومن أقام على يهوديه
او مجوسيه فعليه الجزيه .
وهكذا دخل الإسلام البحرين دون قتال أو إلزام على أهله المسالمين .
اختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم , سليط بن عمر العامري , ليحمل كتابه إلى
هوذه بن على صاحب اليمامه , وقرأ سليط الكتاب فإذابه :-
بسم الله الرحمن الرحيم , من محمد رسول الله إلى هوذه بن على , سلام على من أتبع
الهدى , واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر , فأسلم تسلم , وأجعل لك ما
تحت يدك .
فحاور هوذه سليطا , ثم أرسله بجوابه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم ,, وكان به :-
ماأحسن ما تدعوا إليه وأجمله , والعرب تهاب مكاني , فاجعل لي بعض الأمر أتبعك .
ثم أعطى سليطا جائزه , وكساه أثوابا , فقدم بذالك كله على النبي - صلى الله عليه
وسلم ,, فقال :-
لو سالني قطعة من الأرض ما فعلت , باد وباد ما في يديه , وقد كان ما قاله رسول الله
, فإنه لما انصرف من فتح مكه جاءه جبريل بموت هوذه .
الكتاب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني
قرأ الحارث بن أبي شمر الغساني صاحب دمشق رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم
,, والتى حملها إليه شجاع بن وهب , فلم تعجبه كلماتها التى تقول :-
بسم الله الرحمن الرحيم ,, من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبي شمر سلام على
من أتبع الهدى , وآمن به وصدقه , وإني أدعوك إلى ان تؤمن بالله وحده لا شريك له
, يبقى لك ملكك
وصرخ الحارث في وجه شجاع قائلا:- من ينزع ملكي مني؟ أنا سائر إليه !
الكتاب إلى ملك عمان
بسم الله الرحمن الرحيم , من محمد بن عبدالله إلى جيفر وأخيه عباد ابني الجلندي ,
سلام على من اتبع الهدى , أما بعد فإني أدعوكما بدعاية الإسلام , أسلما تسلما , فإني
رسول الله إلى الناس كافة , لأنذر من كان حيأ ويحق القول على الكافرين , فإنكما إن
قررتما بالإسلام وليتكما , وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل , وخيلا تحل
بساحتكما , وتظهر نبوتي على ملككما .
كان هذا هو نص الكتاب الذي بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم , إلى ملك عمان
وأخيه مع عمر بن العاص , ويبدو أن ذالك كان بعد فتح مكه , وعمل عمر وفق ذكائه
المعروف , فلم يذهب إلى الملك رأسا , وأنما بدأ بأخيه فما زال يراجعه ويحدثه يوما
بعد يوم , حتى شعر منه قربا , فأوصله إلى الملك وأظهر الملك في بداية الأمر الرفض
, وشك في قدرة المسلمين عليه , لكن عمر حاوره , وأكد له ثنايا حديثه , من أتباع
الناس جميعا لمحمد - صلى الله عليه وسلم , ومن ثقة المسلمين بقوتهم , ثم زعم أنه
مغادر بلادهم فأسرع الملك وأخوه بأعلان إسلامهما (: ,, وساعداه على نشر دين
الإسلام , وتم أخذ الصدقه من أهل عمان ..