استهل النفط الخام تعاملات الأسبوع على تسجيل انخفاضات سعرية متوقعة بسبب تنامي الشكوك في نجاح المنتجين في التوافق على خطة خفض الإنتاج وتنفيذ اتفاق الجزائر خلال الاجتماع الوزاري المرتقب الذي ستنطلق أعماله غدا في مقر المنظمة في العاصمة النمساوية فيينا.
وعزز حالة القلق في السوق الإلغاء المفاجئ لإجتماع وزراء في "أوبك" وخارجها الذي كان مقررا أمس في فيينا لبحث التنسيق بين الجانبين لإقرار خطة خفض الإنتاج بعد تأكيد السعودية ضرورة اتفاق دول المنظمة أولا على تخفيض الإنتاج وحل الخلافات قبل لقاء المستقلين، وتلا هذا الموقف انسحاب روسي من الفاوضات، بينما قرر ناطق علييف وزير النفط في أذربيجان عدم الحضور إلى فيينا للمشاركة في الاجتماعات ممثلا عن المنتجين المستقلين.
وقبل ساعات من انطلاق القمة المنتظرة تجري في موسكو محاولة لرأب الصدع من خلال اجتماع مشترك يستضيف فيه الكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي نظيريه الجزائري نورالدين بوطرفة والفنزويلي ايليخيو ديل بينو في محاولة أخيرة لإنقاذ خطة خفض الإنتاج.
وكان وزير النفط العراقى جبار لعيبي أول الحاضرين إلى فيينا للمشاركة في اجتماع "أوبك" وفضل عدم الإدلاء بتصريحات في الوقت الراهن وفي المقابل عقد في فيينا اجتماع داخلي في منظمة "أوبك" على مستوى "الخبراء" من أجل حل الخلافات بين الأعضاء حول حصص كل دولة من الخفض المحتمل، وتحديد الدول التي قد يتم استثناؤها من خفض الإنتاج – إذا حدث التوافق على هذا الأمر -.
وفي هذا الإطار، أكد لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط" لـ "الاقتصادية" أنه للأسف عادت الأجواء السلبية للسيطرة على الأسواق مرة أخرى بعد الاصطدام بصعوبات التوصل إلى اتفاق نهائي وإصرار كل منتج على التمسك بمواقفه السابقة، مشيرا إلى أن الاجتماع الوزاري سيجيء في أجواء تراجع الأسعار وانسحاب بعض الوزراء مما سيكون له تأثيرات تزيد صعوبة الاجتماع.
وأعرب عن تمنياته أن تتمكن اجتماعات موسكو بين وزراء الطاقة في روسيا والجزائر وفنزويلا من إعطاء دفعة جديدة لخطة خفض الإنتاج خاصة في ضوء تحذيرات واسعة أطلقت في السوق من جراء فشل خطة خفض الإنتاج التي من المتوقع أن تكون لها تأثيرات سلبية واسعة في الأسعار خاصة خلال الأسبوع الجاري والأسبوع المقبل.
من ناحيته قال الدكتور امبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية لـ "الاقتصادية"، "إن السعودية أرسلت تطمينات جيدة للسوق بأن التوازن المنشود لا يتحقق فقط بالاعتماد على خطة خفض الانتاج بل إنه سيتحق دون شك نتيجة تنامي الطلب وانكماش المعروض نتيجة تباطؤ الاستثمارات".
وأشار إلى أن السوق لم تحافظ على المكاسب والأجواء الإيجابية السابقة التي ظهرت عقب إظهار العراق وإيران مواقف أكثر مرونة في الأيام السابقة.
وكانت الآمال في أن هذه الأجواء ستزيد مع اقتراب موعد عقد الاجتماع الوزاري لـ "أوبك"، لكن المواقف المتأرجحة والمتبدلة للدول مصدر القلق في نجاح الاتفاق أدت إلى إدراك حجم الصعوبات الواسعة التي يواجهها الاجتماع.
من ناحيته، قال ألكس فولر مدير تنمية الأعمال في مبادرة الطاقة الأوروبية لـ "الاقتصادية"، "إن الآمال لا تزال قائمة في نجاح الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك غدا، وقد عودتنا "أوبك" أن في ظل الأجواء السلبية والمحبطة تفاجئنا بتحرك جيد وغير متوقع"، مشيرا إلى أن هذا الأمر حدث عندما تم التوصل إلى اتفاق الجزائر في سبتمبر الماضي، حيث لم يكن متوقعا من قبل.
وأشار إلى أن هناك حديثا عن احتمال قبول المنتجين بمنح بعض الاستثناءات لبعض الأعضاء وأن صدق هذا الأمر فسيكون بمنزلة الحل للأزمة الراهنة، على أن يكون الخفض محدودا لبقية المنتجين بما لا يؤثر سلبا في اقتصادياتها، وفي المقابل لا يؤدي إلى نشاط النفط الصخري الأمريكي حتى لا تتفاقم مجددا أزمة تخمة المعروض.
وفيما يخص الأسعار، فقد هبطت أسعار النفط أكثر من 1 في المائة أمس مواصلة تراجعا من الجمعة الماضي بعد أن ظهرت من جديد شكوك في قدرة المنتجين الرئيسين على خفض الإنتاج خلال اجتماع من المزمع عقده غدا بهدف كبح الزيادة من المعروض العالمي من النفط.