بعداكتمال الدعوة و إبلاغ الرسالة شعر النبي صلى الله عليه و سلّم بأن وقت
الوداع قد حان. فظهرت علامات و ارهاصات من أقواله و أفعاله تُشير إلى
اقتراب أجله، منها:
اعتكافه في رمضان في السَّنة العاشرة من الهجرة لمدة عشرين يوما و كان في السابق يعتكف عشرة أيام-
تدارس النبي صلى الله عليه و سلّم القرآن مع جبريل مرَتين و كان في السابق يتدارسه مرة واحدة-
توصيته لمعاذ حين أبعثه إلى اليمن: عن معاذ قال-
لما بعثه رسول الله إلى اليمن خرج معه رسول الله يُوصيه و معاذ راكب و رسول
الله يمشي تحت راحلته فلما فرغ قال: "يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد
عامي هذا أو لعلك أن تمر بمسجدي هذا و قبري", فبكى معاذ جشعاً لفراق رسول
الله , ثم التفت فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال: "إن أولى الناس بي المتقون
مَن كانوا و حيث كانوا"
كان النبي يرغب الصحابة في كثرة ملازمته والجلوس إليه. عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال: قال رسول الله : "والذي نفس محمد بيده ليأتينّ على أحدكم يوم و
لا يراني, ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم."
قوله في حجة الوداع : "خذوا عنّي مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا...
و في حجة الوداع كان النبي حريصاً على تنظيم حياة المسلم بوضعه دستوراً يهتمّ بنواحي حياته .
خروجه في صفر في السنة الحادية عشر من الهجرة إلى أُحد و صلاته على
الشهداء كالمودّع. ثم انصرف إلى المنبر فقال: "إنّي فرطكم و إنّي شهيد
عليكم و إني والله لأنظر إلى حوضي الآن، و إني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض،
و إني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي، و لكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها".
خطبته في أمر التخيير ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خطب
النبي و قال: "إن الله خيّر عبدًا بين الناس و بين ما عنده فاختار ذلك
العبد ما عند الله"، قال: فبكى أبو بكرفعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله عن
عبد خُير فكان رسول الله هو المخيّر و كان أبو بكر أعلمنا....
خروجه في منتصف ليلة من الليالي إلى البقيع و استغفاره لهم و قال: "السلام
عليكم يا أهل المقابر، ليهن لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه، أقبلت
الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها، الآخرة شر من الأولى. و بشّرهم
قائلا: "إنا بكم للاحقون".
الآيات الدالة على قرب أجل النبي .
(واتـقـوا يـومـاً تـرجـعـون فــيـه إلـى الله ثـم تـوفـى كــل نـفـس مـا
كـسـبـت وهـم لا يـظـلـمـون( نزلت هذه الآية قبل تسعة أيام من وفاة النبي
فهي آخر آية نزلت من القرآن الكريم.
قوله تعالى: (اليوم أكملتُ لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي, و رضيت لكم
الإسلام دينا) و و قد نزلت هذه الآية بعد خطبة النبي في حجة الوداع.
نزول سورة النصر في ثاني أيام التشريق من حجة الوداع, فعرف النبي أنه
الوداع و أنه نُعيت إليه نفسه. و ابن عباس لما سئل عن قول الله تعالى (إذا
جاء نصر الله والفتح) قال:"هو أجل رسول الله أعلمه له".
فكان صلى الله عليه وسلم بعدها يكثر في سجوده من قول "سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفرلي "
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)). قالت: فلولا ذاك أبرز قبره غير أنه خُشي أن يتخذ مسجداً
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) .
و عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حضرته الوفاة جعل يلقي على وجهه طرف خميصة له، فإذا اغتم كشفها عن وجهه وهو يقول: ((لعنة الله على اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) تقول عائشة: ((يُحذِّر مثل الذي صنعوا)) .
قال الحافظ ابن حجر: وكأنه صلى الله عليه وسلم علم أنه مرتحل من ذلك المرض، فخاف أن يعظم قبره كما فعل من مضى، فلعن اليهود والنصارى إشارة إلى ذمّ من يفعل فعلهم...
الاحتفال بالمولد النبوي بدعة شيعية صوفية
فالمولد النبوي سـنته الدوله الفاطميه العبيديه في مصر.وقد ابتدعها الفاطميون العبيديون وهم من غلاة الشيعه ليستميلوا بها عوام المصريين في فترة حكمهم لمصر. وقد ادعى الفاطميون أنهم من آل البيت، وغالوا في آل البيت ليخدعوا العوام، فلينظر من يحتفل بالمولد النبوي بمن يقتدي؟
فقد أظهروا للناس أنهم شرفاء فاطميون فملكوا البلاد، وقهروا العباد، وقد ذكر جماعة من أكابر العلماءأنهم لم يكونوا لذلك أهلا ولا نسبهم صحيحًا، بل المعروف أنهم (بنو عبيد)، وكان والد عبيد هذا من نسل القداح الملحد المجوسي، وقيل: كان والد عبيد هذا يهوديًّا من أهل سلمية من بلاد الشام وكان حدادًا. يقول الأستاذ محمد عبد السلام الشقيري عن شهر ربيع الأول وبدعة المولد فيه:
"ففي هذا الشهر ولد -صلى الله عليه وسلم-، وفيه توفي، فلماذا يفرحون بميلاده ولا يحزنون لوفاته؟؛ فاتخاذ مولده موسمًا والاحتفال به بدعة منكرة ضلالة، لم يرد بها شرع ولا عقل، ولو كان في هذا خير فكيف يغفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة والتابعين وتابعيهم، والأئمة وأتباعهم؟! لا شك أنه ما أحدثه إلا المتصوفون الأكالون البطالون، وأصحاب البدع، وتبع الناس بعضهم بعضًا فيه إلا من عصمه الله ووفقه لفهم حقائق الدين". يقول الشيخ ابن باز -رحمه الله تعالى-:
"والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد بلـَّغ البلاغ المبين ولم يترك طريقًا يوصل إلى الجنه ويباعد من النار إلا بينه للأمة، كما ثبت في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ» [رواه مسلم].
ويقول: "فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله -سبحانه- لبينه الرسول -صلى الله عليه وسلم- للأمة، أو فعله في حياته، أو فعله أصحابه -رضي الله عنهم-. فلمّا لم يقع شيء من ذلك عـُلم أنه ليس من الإسلام في شيء، بل هو من المحدثات التي حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- منها أمته".اهـ.
وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» [متفق عليه]، أي: مردود على صاحبه. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» [رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني].
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .