قد تولى الله علاج الألم النفسي الذي يترتب على الفوات، تولى الله علاج ما حصل من ذلك في نفوس الصحابة في غزوة أحد، فقال الله تعالى: {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون} [آل عمران:153].
فقوله تعالى: {فأثابكم غما بغم} [آل عمران:153] أي: فجزاكم غما على غم، وقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: الغم الأول بسبب الهزيمة، والغم الثاني حين قيل: قتل محمد صلى الله عليه وسلم، كان ذلك عندهم أشد وأعظم من الهزيمة، فإذا: كان ألما عظيما بالهزيمة والقتل والجراح.
لما قيل: قتل محمد صلى الله عليه وسلم، كان غم غطى على الغم الأول فنسوا الغم الأول، ثم تبين أن محمدا صلى الله عليه وسلم حي، فسروا وكان الغم الأول قد نسي في غمرات الغم الثاني، وهذه حكمةإلهيةبديعةقدرها الله تعالى في أحداث هذه الغزوة.
{لكيلا تحزنوا على ما فاتكم} [آل عمران:153] أي: على ما فاتكم من الغنيمة، والظفر بعدوكم، ولا ما أصابكم من الجراح والقتل.
إذا فوات الدين في نفوس المؤمنين هو الأعظم، ويحصل الهم لفوات الدنيا لأنهم بشر، فأي إنسان إذا فاته شيء من الدنيا ربما يتألم؛ لكن ينبغي أن يعلم أن فوات الدين أعظم بكثير من فوات الدنيا.