كانت في أحدى المناطق الريفية تعيش عجوز أسمها سعيدة وولدها سعيد ، وكانت المنطقة اللتي يعيشون فيها ذات جبال شاهقة تكسوها الأشجار الخضراء ، وتعانق قممها المزون الغراء ، ويتدفق من من بين صخورها الماء العذب ، اللذي يجمع بين الحلاء والصفاء كأنه لماء حسناء ، وكانت سفوح تلك الجبال الشاهقة ، خضراء اللون تتدفق منها العيون ، وكان لدى سعيدة وسعيد أغنام فريدة من الضآن السمان ، فلهم فيها سقاء وغداء وعشاء وكساء .
وفي أحد الأيام طلبت سعيدة من ولدها سعيد ، أن يذهب لأحدى القرى البعيدة ، اللتي توجد بها جميع المتطلبات وفيها جميع الأحتياجات من كل أغراض الحياة الحديثة ، وكل جديد من الأشياء الجميلة لشراء مؤنة من الأكل والكساء ، فأخذ سعيد معه عشر من الضأن السمأن لمقاضاتها بما يريدون من أشياء ، وأخذ معه حمارهم ، لتحميلة بالأسفار بعد البيع والشراء .
وذهب سعيد إلى تلك القرية ، وقد أبهرته تلك القرية بجمال تراثها وحداثة مبانيها ونظافة شوراعها ، وجمال بناتها وحسن جمالهن وملبسهن ، وتغنجهن ، وصادف وجوده في تلك القرية في ذلك اليوم ، أعلان عن مهرجان يقام في تلك القرية في ذلك المساء ، فقرر عدم البيع والشراء والبقاء حتى المساء ، لينظر ماذا يدور في ذلك المهرجان .
وعند حلول المساء بداء يحضرون الوفود للمهرجان ، فرآى الجميلات من البنات والنساء ، والرجال والغلمان ، والعبيد والعبدات يتوافدون من كل صوب ومن كل الجهات ، وكان مكان الأحتفال في القرية ، في وسط النخيل ، في موقع جميل ، وقد زادت من جماله نسمات الليل العليل .
فدقت الطبول ، وتجمعوا المتفرجين في حلقة كبيرة مستديرة ، ودخلوا الراقصين والراقصات الى داخل تلك الحلقة ، فدقت الزيران ، وأشعلت النيران ، وأشتغلت المزامير ، وكثر الطرب من الغناء والمجارير حتى شعر العاقل بالجنان ، وصاحب الظمير لم يعد له ظمير .
فأعجب سعيد صوت المزامير ، وجمال الأجتماع المثير ، فلعب حتى تعب ، ووجد مع أعد التجار مزمار له صوتاً شجيً ، يصدر موسيقى لها دوي ، فأراد سعيد أن يشتري ذلك المزمار العجيب ، فسأل سعيد التاجر النجيب اللذي لديه ذلك المزمار ، بأن يبيعه له ويعطيه الحمار ، ولكن التاجر عندما رآى تعلق سعيد بالمزمار رفض تلك المساومة رفضاً قاطعاً وقال له : أن المزمار هو مصدر رزق وفير وفيه خيراً كثير ، فمن يشتريه لا فقر يعتريه ، فقال له سعيد ، سوف أعطيك العشر النعاج مقابل المزمار ، فأطرق التاجر براسه برهة من الزمن ثم قال بارك الله لك وبارك فيك ، ربح البيع ياسعيد .
رجع سعيد بمزماره وحماره إلى ديرته ووالدته ، وعندما شاهدته سآلته ، أين الغذاء والكساء ، فزمر سعيد بمزماره ورقص حماره ، وطربت أمه وبداءات تضمه ، وتقول له ماهذا الشيء الجميل اللذي يحدث صوت شجيء ، فقال لها أنها مزماره لها صوت جميل ، ترقص من جماله الثعابين والخيل .
فأعجبت سعيدة بصوت المزماره أشد العجب ، وقالت لسعيد أطربنا به يا ولد ، فرقصت وغنت حتى شعرت بالتعب ، وقالت له سوف نذهب إلى مكان اللعب والطرب ، ونبيع مابقي من الضأن ، ونبيع الحمارعلى أول سمسار ، فماذا ننتظر في هذه القفار.
ومن صباح اليوم التالي ، أخذ سعيد ووالدته سعيده الضآن والحمار إلى القرية اللتي يوجد بها الترفيه والطرب وطلب الرزق ، وباعوا ضآنهم وحمارهم .
وأنشاءات سعيدة وسعيد لهم عشة في طرف القرية ، وياتون كل مساء للمشاركة في الطرب والغناء ، ولكنهم صاروا فقراء يتصدق عليهم الأغنيا.
وكل ليل تردد سعيده وسعيد في الطرقات قصيدتهم المشهورة :