بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين من فضلكــ لآ تدع الشيطان يمنعك سُبْحانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلا اِلـهَ اِلاَّ اللهُ وَاللهُ اَكْبَرُ اذْكُـــــــــــــــــــــــــــ اللَّهَ ــــــــــــــــــــــــــــــــــرُوا
الأولى في حق القدم الغسل أم المسح
أن القول بغسل الرجلين هو الذي اعتمده كافة فقهاء الأمصار من بينهم أئمة المذاهب الأربعة مستندين في ذلك على صريح الآية على قراءة( وأرجلَكم) بفتح اللام لأن أرجلكم هنا عطف على وأيديكم إلى المرافق. وعلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم الصريحة الصحيحة قولا وعملا، وفي هذا كفاية لمن أراد الحق واقتنع به ..مركز الفتوى .
الدليل : تخلَّف عنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفرَةٍ سافَرْناها، فأدرَكنا - وقد أرهقَتْنا الصلاةُ - ونحن نتوضَّأُ، فجعَلْنا نمسَحُ على أرجلِنا، فنادى بأعلى صوتِه : ويلٌ للأعقابِ من النارِ . مرتينِ أو ثلاثًا .
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 242 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
شــــــــــــــــــرح الحديــــــــــــــــث
في سفرٍ ما تأخَّر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن أصحابِه، فأخَّروا الصَّلاةَ في أوَّل الوقتِ؛ طمعًا أن يلحَقَهم فيُصلُّوا معه، فلمَّا ضاق الوقتُ بادَروا إلى الوضوءِ، ولعجَلتِهم لم يُكمِلوه، فأدرَكهم على ذلك، فأنكَر عليهم، ونادى بصوتٍ مرتفع يسمَعُه الجميعُ: ويلٌ للأعقابِ مِن النَّار، وفي هذا وعيدٌ وتهديدٌ عظيمٌ لِمَن لم يَستكملْ غسْلَ الأعضاءِ في الوضوء، وويلٌ: كلمةُ عذابٍ وهلاكٍ، والأعقاب: جمع عَقِبٍ، وهو ما أصاب الأرضَ مِن مؤخَّرِ الرِّجلِ إلى موضعِ الشِّراكِ.
في الحديثِ: تعليمُ الجاهل وإرشادُه.
وفيه: أنَّ الجسد يعذَّبُ، وهو مذهبُ أهل السنَّةِ والجماعة.
وفيه: أنَّ مِن أصول التربيةِ التَّعليميَّة في الإِسلام إعادةَ الجملةِ مرَّتينِ أو ثلاثًا؛ لكي يستوعبَها الطالبُ؛ فإن كان حديثًا نبويًّا فمِن السُّنَّة إعادتُه ثلاثًا؛ لأنَّ الثلاثةَ غايةُ ما يقعُ به البيانُ والإعذارُ.
وفيه: أنَّ العالِمَ يُنكِر ما يرى مِن التَّضييعِ للفرائضِ والسُّنَن، ويُغلِظُ القولَ في ذلك، ويرفَعُ صوتَه للإنكار. الدرر السنية.
الواجب في الوضوء هو غسل الرجلين ، ولا يكفي مسحهما ، هذا الصحيح فى الآية. والدليل على أن الواجب هو غسل الرجلين ، ما رواه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ : تَخَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ ( أي أخرنا العصر ) فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : ( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ) . وروى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ ، فَقَالَ : ( وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ ) . والعقب هو مؤخر القدم . قَالَ اِبْن خُزَيْمَةَ : لَوْ كَانَ الْمَاسِح مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ لَمَا تُوُعِّدَ بِالنَّارِ . قال الحافظ ابن حجر : " وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الأَخْبَار عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَة وُضُوئِهِ أَنَّهُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَهُوَ الْمُبَيِّن لأَمْرِ اللَّه , وَلَمْ يَثْبُت عَنْ أَحَد مِنْ الصَّحَابَة خِلَاف ذَلِكَ إِلا عَنْ عَلِيّ وَابْن عَبَّاس وَأَنَس , وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُمْ الرُّجُوع عَنْ ذَلِكَ , قَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى : أَجْمَعَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَسْل الْقَدَمَيْنِ , رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور " انتهى .
وأما الآية ، وهي قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) المائدة/6 ، فإنها لا تدل على جواز مسح الرجلين ، وبيان ذلك : أن في الآية قراءتين : الأولى : (وَأَرْجُلَكُمْ) بنصب اللام ، فتكون الأرجل معطوفة على الوجه ، والوجه مغسول ، فتكون الأرجل مغسولة أيضاً ، فكأن لفظ الآية في الأصل : ( اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم ) ولكن أُخِّرَ غسلُ الرجل بعد مسح الرأس للدلالة على أن ترتيب الأعضاء في الوضوء يكون على هذا النحو ، غسل الوجه ، ثم الأيدي ، ثم مسح الرأس ، ثم غسل الأرجل . انظر : "المجموع" (1/471) . القراءة الثانية : (وَأَرْجُلِكُمْ) بكسر اللام ، فتكون معطوفة على الرأس ، والرأس ممسوح ، فتكون الأرجل ممسوحة . غير أن السنة بينت أن المسح إنما هو على الخفين أو الجوربين بشروط معروفة في السنة .
وبهذا يتبن أن الآية على القراءتين لا تدل على مسح الأرجل ، وإنما تدل على وجوب غسل الأرجل ، أو مسح الخفين لمن يلبس الخفين . وقد ذهب بعض العلماء – على قراءة الجر – إلى أن الحكمة من ذكر المسح في حق الأرجل مع أنها مغسولة إشارة إلى أنه ينبغي الاقتصاد في استعمال الماء عند غسل الرجلين ، لأن العادة الإسراف عند غسلهما ، فأمرت الآية بالمسح أي بأن يكون الغسل بلا إسراف في الماء . قال ابن قدامة في "المغني" : " ويحتمل أنه أراد بالمسح الغسل الخفيف . قال أبو علي الفارسي : العرب تسمي خفيف الغسل مسحا , فيقولون : تمسحت للصلاة . أي توضأت " انتهى . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وفي ذِكر المسح على الرجلين تنبيه على قلة الصب في الرجل فإن السرف يعتاد فيهما كثيراً " انتهى "منهاج السنة" . والله أعلم. الإسلام سؤال وجواب.
فائــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدة
والحاصل أن وجوب غسل الرجلين هو الراجح، وهو الذي عليه جمهور الفقهاء، وهو الثابت في الأحاديث التي وردت في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها ما رواه البخاري ومسلم من حديث عثمان، في وضوئه صلى الله عليه وسلم: أنه غسل كل رجل ثلاثاً. وفي لفظ مسلم: ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل رجله اليسرى مثل ذلك.
ومما يشهد لوجوب الغسل ما أخرجه مسلم عن عمر رضي الله عنه أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ارجع فأحسن وضوءك، فرجع ثم صلى".
والله أعلم.مركز الفتوى