إن من اصطلى بنار (حجز الانتظار) يدرك مغزى ما أقول من مرارة الطوابير الطويلة والمتزايدة .. مع تضارب المواعيد وبُعد الأمل .. ومع هبوب بعض العواصف ربما يتلاشى أمام ناظريك !!
المشكلة الكبرى أن من يظن أن الفرج أصبح وشيكاً يتفاجأ بمن وأد حلمه بمجرد واسطة - متعددة النوايا- طيّرت معه الكرت المبتغى !!
كل هذا المعاناة تمرّ عليك بريق أعياه التعب فنضب عن الجريان !!
مشهدي بدأ الساعة الثامنة صباحا .. وكنت من المحظوظين أن انتهى السادسة والنصف مساءً .. باجتهاد مني كلفني مبلغا إضافيا 1097 ريالا هو قيمة ترقية التذاكر ودفع الغرامات وو..........
ولكن تبقى في ذلك اليوم المرير بأحد مطاراتنا الكبرى مشاهد ماثلة أمام الناظرين لا أتوقع أن تنساها الذاكرة ردحاً من الزمان .. ذلك أن كل المعاني الكريمة العفيفة قد ذُبحت فيها من الوريد إلى الوريد !! والله المستعان.
أحدها مجيء زوجين إلى كاونتر الحجز فيتقدم الرجل .. وتتأخر المرأة .. ولكن الإجابة هي هي لكل الواقفين في الطوابير الطويلة ..( إن شاء الله .. ممكن .. تعودون الساعة كذا ... ربما .. سجل في القائمة والله المسهل .. ثم الكارثة: ربما يكون الحل آخر الليل أو صباح الغد !! ) يا الله كم هذه الكلمات غير المسؤولة تخرج من فم قائلها بكل تبلّد لتصل إلى آذاننا ناراً موقدة!!
ثم عادا إلى الكاونتر بعد أن هدأت عاصفة التدافع قليلاً .. مع تغيّر الأدوار فالمرأة هي المتحدثة .. والرجل هو القابع في الخلف ولمسافااات .. وكانت قد أرخت النقاب . وربما حوّلته إلى لثام !! وطلبت الطلب نفسه .. فتغيّرت الإجابة والنظرات !! وإن لم يُسمع الكلام ..
الواقع أن هذين الزوجين إن كان يصح أن نطلق عليها هذا المصطلح العفيف الطاهر غادرا .. فلم نرهما بعد ساعة في ردهات المطار .. مع بقاء من نافح قبلهما حتى زمن مغادرتي بعد المغرب.
سؤالي .. هل ترضى أخي القارئ أن تتصرف هذا التصرف الأليم لمجرد الحصول على كرتي صعود ؟ وقد ضاع ما هو أهم بكثييييييير!!!
وموقف مرير لأسرة مكونة من عدة نساء متباينات الأعمار .. قامت بمهمة تولى معاناة الحجز والترتيبات ابنتهم السافرة عن وجهها ذات العشرين عاما أو يقرب من ذلك .. ويالها من معاناة!! دقائق وإذا بالإشارة أن اتبعيني .. وكان قد حمل هذه الكروت اللعينة في الجيب الخلفي من البنطال .. ثم اختفيا عن الأنظار لدقيقتين .. انتهى المشهد بنداء بقية الأسرة .. ومغادرة المكان !! والله المستعان
والله إنني أكتب بمرارة تقتلني .. ولكن إلى متى التجاهل للمشاهد المحزنة التي بدأت تتفشى في مجتمعنا ؟!!
هل الكتابة عنها تزيد من حموتها واضطرامها .. أم يسيل الماء عليها فتخبو وتضمحل ؟؟!!
لا أقصد من تصويري كل موظفي الخطوط .. فوالله إن الأكثرية الكاثرة يفنون أعمارهم في عمل مثابر حيادي .. ولا استقصد بهذا الوصف الخطوط فقط .. فهناك من المواقع الأخرى ما عمّت الضلاليّة فيها وطمّت !!
أترك التعليق على المشاهد .. وسرد الصور والمعاناة لكم .. ليتم تدارك الأمر قبل انشطار السد .. وغرق كل من يأوي إليه (مواطنين غيورين أو متبلّدين ) !