وقالت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها اليوم التي كانت بعنوان (الذكاء الاصطناعي .. صراع الهيمنة ) : لا جدال في أن العقد المقبل هو عصر الصراع والمنافسة الحادة للهيمنة على اقتصاد الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، ويعد أحد أنواع العلوم الحديثة التي انتشرت على نطاق واسع في الآونة الأخيرة، حتى إنه دخل في كثير من المجالات الصناعية والبحثية، وعلى رأسها الروبوت والخدمات الذكية للحكومات والشركات. واكدت على رغم الجائحة وتأثيراتها في التفكير العالمي وسطوتها على أشكال النقاش كافة، إلا أن الاقتصاد الرقمي يجد حضوره وبقوة أيضا، فقد كان هذا القطاع بالذات هو المحرك الرئيس للنشاط الإنساني خلال الجائحة، حيث أوقفت الجائحة التواصل الإنساني المباشر في أنحاء العالم ولعدة أشهر، كما أن قطاع السفر لم يزل مشلولا تماما، ما عزز من أهمية الاقتصاد الرقمي في التواصل، ومكن الأسواق الافتراضية من منح مساحة واسعة للنشاط الاقتصادي ليحافظ على الوظائف، وعلى الهياكل الاقتصادية من آثار مدمرة لا يشبهها إلا أحداث الحرب العالمية الثانية. ولقد كانت قمة الدول العشرين، التي انعقدت من خلال تقنيات الاتصال عن بعد، خير شاهد على هذا الحضور القوي للاقتصاد الرقمي وما انتهى إليه البيان الختامي من تعزيز أهمية هذا القطاع لمستقبل البشرية، وضرورة توظيف التقنيات الرقمية لاغتنام فرص القرن الـ21 للجميع. وأضافت : ووفق هذا التصور وتأكيدا لما انتهت إليه اجتماعات قمة الدول العشرين، تم إطلاق "منظمة التعاون الرقمي"، من أجل الاستخدام الأمثل للبيانات والمعلومات، وأيضا بناء الأسواق الرقمية، وتمكين رواد الأعمال، والفجوة الرقمية، والابتكار، وهو ما يضع السعودية وأعضاء المنظمة في المسار الصحيح وفي خضم السباق العالمي، في مواجهة دول مثل الصين واليابان وألمانيا. ورغم أن التقارير تشير إلى أن معظم استثمارات الذكاء الاصطناعي في أنحاء العالم لم تحقق أرباحا بعد، وأن عوائد الاستثمار الأولية تدور حول 1 في المائة في المتوسط، إلا أن المنافسة قوية للهيمنة على هذا القطاع، خاصة مع التطورات المذهلة في تقنيات الجيلين الخامس والسادس. ورأت انه في هذا الجانب، نشرت الحكومة اليابانية خطتها الأساسية الخامسة للعلوم والتكنولوجيا، وحددت هدف اليابان لتصبح "المجتمع 5.0". وذلك لجعل الإمكانات الهائلة لتراكم البيانات والتقنيات الحديثة، والتكنولوجيا، وسيلة أساسية لإيجاد حلول للقضايا الاجتماعية. وتعزيزا لهذا الرؤية، أطلقت اليابان مطلع هذا العام، وثيقة "المبادئ الاجتماعية للذكاء الاصطناعي"، لتحقيق تلك الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والروبوتات، وغيرها من التقنيات المتطورة لإيجاد قيمة غير مسبوقة. فالأرقام تؤكد أن اليابان ستواجه طفرة اقتصادية في حجم سوق الذكاء الاصطناعي، ليقترب من تريليون دولار بعد عشرة أعوام، وأن قطاع النقل هو المحرك الأساسي مع نمو الطلب على سيارات الأجرة ذاتية القيادة والشاحنات. وأكدت التقارير أن الشركات اليابانية لديها إمكانية كبيرة لأن تكون الرائدة في أبحاث الذكاء الاصطناعي. وبينت انه على الرغم من تزايد معدلات الروبوتات والذكاء الاصطناعي في اليابان، إلا أن معدلات البطالة انخفضت إلى 2.34 في المائة، كما أن 97.6 في المائة من خريجي الجامعات الجدد، تحصلوا على وظائف. وفي السباق التنافسي للهيمنة على هذا القطاع الواعد، أطلقت الحكومة الألمانية من جانبها، استراتيجية الذكاء الاصطناعي، وتعمل على ضخ استثمارات تبلغ مليارات اليورو لتطويره. ولعله من اللافت للنظر أن تكون هذه الاستراتيجية مدفوعة للمحافظة على قدرات الاقتصاد الألماني في صناعة السيارات، خاصة أن قطاع السيارات هو المستهدف الرئيس اليوم من التطورات الناشئة في الاقتصاد الرقمي، ولا سيما مع الاهتمام المتسارع بهذا القطاع من قبل شركات التكنولوجيا الرقمية، مثل جوجل. وختمت : نذكر هنا الجهود الضخمة التي تقوم بها الصين، والصراع الجاري الكبير للسيطرة على تقنيات الجيل الخامس بين الولايات المتحدة والصين. وفي هذه الصورة الشاملة، فإن ظهور منظمة التعاون الرقمي، يعد مرحلة مهمة في هذا السباق، وستحقق المنظمة للدول الأعضاء قيمة مضافة، وتمكنهم من توظيف قدراتهم لبناء مزايا تنافسية وجزء لا يتجزأ من شكل وصورة الاقتصاد الرقمي في العقد المقبل، خاصة أن التقنيات الجديدة، مثل الأتمتة والذكاء الاصطناعي، أصبحت جزءا من حياتنا اليومية، فهي بوابتنا للمجتمع المستقبلي، حيث تؤثر تطورات الذكاء الاصطناعي - بالفعل - في الاقتصاد من ناحية الثروة الفردية أو التغيرات المالية الأوسع نطاقا. // انتهى //06:05ت م 0006