لاشك أن اكتشاف المدينة المفقودة مؤخرا، من خلال البعثة المصرية برئاسة عالم الآثار الكبير الدكتور زاهي حواس، يعد من أعظم الاكتشافات الأثرية التى تعود للحضارة المصرية القديمة، حيث إنها أكبر مدينة سكنية وإدارية وصناعية في مصر القديمة، وتقع في غرب محافظة الأقصر.
عن أهمية اكتشاف المدينة المفقودة وحقيقة لعنة الفراعنة، واكتشاف أول مومياء حامل في بولندا، تحدث الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار ووزير الآثار الأسبق، في حوار مع "العربية.نت"، كشف فيه كذلك عن رأيه في الدارما التاريخية المصرية، وكذلك أبرز اكتشافاته.
وأشار إلى أن هذه المدينة تسمى "إشراقة أتون"، والقصور الخاصة بها تسمى بـ"إشراقة قصر أتون"، وهي أضخم مدينة للفراعنة تُعرف حتى الآن، ومن هنا تكمن أهميتها.
وتابع أن علماء الآثار قالوا إن الحضارة الفرعونية هي حضارة بلا مدن، واكتشاف هذه المدينة أكد أن الحضارة الفرعونية كان بها مدن، وكان بها 3 أحياء، حي إداري وحي سكني وحي صناعي.
وأضاف: "في الحي الصناعي اكتشفنا صناعات كانوا يستخدمونها في المعابد والقصور الملكية وعمل الأحذية والحياكة وتخزين اللحوم، واكشتفنا العديد من التماثيل للملكة تي، وتماثيل لحتحور آلهة الحب والجمال عند الفراعنة، و100 قالب كان يتم استخدمها لعمل التمائم. ولأول مرة نكشف تفاصيل عن حياة العمال والفنانين في العصر الذهبي لمصر".
المومياء الحامل
وحول اكتشاف أول مومياء حامل في بولندا، أوضح الدكتور زاهي حواس لـ"العربية.نت" أن هذا أمر طبيعي، وأنها ليست أول اكتشاف. فقد قام الدكتور زاهي حواس باكتشاف مومياء لقزمة كانت حاملا في مقابر العمال بناة الأهرام، ويرجع عمرها إلى 4600 عام، وكان ذلك الاكتشاف في عام 2010، وهو أول اكتشاف لامرأة حامل في التاريخ.
وتابع حواس بأن المومياوات قديماً كان يتم تحليلها باستخدام الـ"إكس راي" (x-ray) والتي تختلف عن الأشعة المقطعية لما توضحه من تفاصيل هامة جداً، وهناك الآلاف من المومياوات الموجودة خارج مصر، لذلك فإن هذا الاكتشاف لا يعد اكتشافا جديدا.
المرأة الصارخة
وأضاف حواس أن هناك اكتشافات كثيرة لحالات مختلفة للمومياوات الملكية، مثل مومياء "المرأة الصارخة"، ومع استخدامنا للأشعة المقطعية، تبين أن هذه المومياء تعرضت لتصلب شديد في شرايين القلب التاجية، مما أدى لسكتة قلبية، ما نتج عنه وفاة هذه الأميرة بنوبة قلبية، وهذه السكتة القلبية جعلتها تصرخ وتموت بهذا الشكل.
كما ساهمت الأشعة المقطعية باكتشاف معلومات عن "سكن رع"، الذي أصيب في معركة حربية مع الهكسوس بـ7 طعنات.
كما كشفنا معلومات كثيرة جداً عن أمراض أصيبوا بها، مثل رمسيس الخامس الذي توفي بسبب الجدري، ورمسيس الثاني الذي أصيب بأمراض في المفاصل بسبب كبر العمر. فالأشعة المقطعية تُظهر الكثير من المعلومات الخاصة بحالة المومياء.
الدراما الفرعونية في مصر
وحول الجدل الكبير الذي أُثير مؤخراً حول مسلسل "أحمس الملك" والذي تسبب في تعليقه وخروجه من السباق الرمضاني حتى يتم مراجعته تاريخيا من قبل مختصين، أوضح الدكتور زاهي حواس لـ"العربية.نت" أن الدراما التاريخية في العالم كله تعتمد على رؤية الكاتب والمخرج، حتى وإن لم ترتبط بالأحداث التاريخية بكل تفاصيلها مثل رواية نجيب محفوظ "عبث الأقدار"، وStar Gate وغيرها من الأفلام العالمية، حيث يتم كتابة هذه الروايات من وحي خيال الكاتب.
ولكن في الأعمال الدرامية على المخرج الارتباط بالملابس والمعابد والأسلحة وكل ما يخص الحياة التي يؤرخ لها العمل الدرامي، فلا يصح أن يقدمها بشكل خاطئ، مثل مسلسل "أحمس الملك".
وأضاف: "أنا لم أعترض على أي شيء في المسلسل غير الملابس والأسلحة، ولم أعترض على دور عمرو يوسف فهو فنان قدير، لكن المخرج أظهره بشكل قائد روماني وليس قائدا فرعونيا من خلال الملابس. فكل الأفلام العالمية تعتمد بشكل أساسي على متخصصين في التاريخ أثناء عملهم على الأعمال التاريخية وأنا أستعجب من عدم اعتماد صنّاع المسلسل على متخصصين في هذا الشأن".
مبادئ اللغة الهيروغليفية
بعد كشف وزارة التربية والتعليم المصرية عن خطة تدريس مبادئ اللغة الهيروغليفية للأطفال في المدارس، أشار حواس إلى أنه نادى كثيراً بتعليم الأطفال اللغة الهيروغليفية في المدارس، وأعرب عن سعادته بذلك الخبر جدا.
وتابع: "تحدثت كثيراً عن الموضوع وسعيد بالخطة لما ستساهم خلاله بانتماء الأطفال لحضارة بلدهم".
أبرز الاكتشافات
وتطرق حواس إلى أبرز اكتشافاته، وهى مقابر عمال بناة الأهرام التي أثبتت للعالم أجمع أن الأهرامات من بناء المصريين، وأنها لم تُبنَ بالسخرة. وأضاف: "وادي المومياوات الذهبية في الواحات البحرية والذي أعتبره من أهم اكتشافاتي، وكذلك الأشعة المقطعية لعائلة توت عنخ أمون، واكتشاف مومياء الملكة تي، واكتشاف مومياء الملكة حتشبسوت، في وادي الملوك".
لعنة الفراعنة
وعن لعنة الفراعنة، أوضح حواس أنه ليس لها أي أساس من الصحة، وبدأت هذه الإشاعة، من خلال موت البعض عند فتحهم لمقابر المومياوات دون تهويتها، وذلك بسبب أن بعد 7000 عام يكون هناك جراثيم غير مرئية نتيجة تعفن المومياء تتسبب في موت من يتعرض لها بطريقة مباشرة، لذلك يتم فتح المقابر وتهويتها لفترة قبل دخولها لضمان التخلص من الهواء الفاسد الناتج عن تفعن المومياء ودخول الهواء النقي.