الرياض
قصر فاروق الساهر
2:00 ظهراً
تجلس احداهما على المقعد الفاخر بأناقة .. وهي تتابع بنظراتها طريقة رسم الاطفال بمساعدة الاخرى .. الجالسة على الارض .. واقلام الالوان مبعثرة هنا وهناك ..
- انـــا جوعااانة ..
ضحكت الاولى وهي تقول بابتسامة .. : ارسمي ارسمي يا ماما .. الحين البزران ساكتين وما قالو شي وانتي اللي جوعانة ؟ ..
نهضت ببطئ .. وهي توجه حديثها للاطفال .. : انتو ارسموا بقية اللوحة ..
قالت الاخرى باستهزاء .. : لـــوحة ؟ .. تكفين يا بيكاسو ..
جلست بجوار شقيقتها .. دون ان تعير الكلام الذي قيل من قبل الاخرى اي اهتمام .. وذلك بسبب جوعها .. : والله انا جوعانة .. ايش هذا ؟ .. انا لو كنت ادري انه بيتأخر كذا .. ما جيت ..
ارجعت خصلة من شعرها خلف اذنها .. : احمدي ربك انه قال بيجي .. ويبينا ننتظره .. كل مرة لما اكون انا لوحدي هنا .. يتصل ويقول عندي شغل وما بتغدى في البيت .. ويخليني اتغدا لوحدي ..
قالت برقة .. : انا ما اتحمل .. – ثم صرخت - جوعااااااانة ..
قالت بغضب .. : فقعتي اذوني .. يالسفيهة ..
ضربت اختها الكبرى بخفة .. وهي تقول مازحة .. : لا تسبيني قدام بنتي .. ابي احافظ على برستيجي ..
ضحكت .. : ما بتتغيرين يا هدى ..
اتاهما صوت ابنة * هدى * .. : ماما .. ايش رايك ؟
قالت هدى بفخر .. : ووووه فديت بنتي .. طالعة على امها رسامة ..
قال ابن الاخرى .. : ووووع مو حلوو ..
صرخت .. : هنــــــادي .. شوفي ابنك .. بيحطم طموح سارونة ..
هنادي .. بضحك .. : ما بتتحطم لا تخافين .. طالعة على امها ..
انشغل الاطفال مرة اخرى بالرسم .. بينما قالت هدى .. : عمي يسأل عنك .. ويقول ليه ما تجي عندنا ..
هنادي .. : قولي له انا مشغولة كثير هالفترة .. عبدالعزيز عنده مشاكل في الشركة .. وصاير عود كبريت .. اخاف اقول له اني ابي اروح مكان لانه بيعصب علي ..
هدى .. باستنكار .. : عبدالعزيز طول عمره معصب .. ما جبتي شي جديد ..
نظرت لابنها .. : الجديد يا هدى انه صاير ما يطيق وجهي .. لدرجة اني قمت انام مع حمودي فغرفته ..
صرخت بغضب .. : قولي لفاروق .. والله انه بيسنعه لك ..
وضعت كفها على فم الاخرى .. خوفاً من قدوم فاروق فجأة وسماعه لحديثهم .. : انطمي .. فضحتيني ..
ابعدت يد * هنادي * .. : والله لو كنت فمكانك كنت وريته نجوم الليل فعز الظهر ..
ابتسمت هنادي بأسى .. وهي تحاول تغيير مجرى حديثهم .. : وانتي ايش اخبارك مع سطامووه ؟ ..
هدى .. بحب .. : يا لبيه بس .. عسسل .. وربي انه عسل ..
هنادي .. : دووم ان شالله .. الا ما قلتي لي .. – وضعت يدها اليمنى على بطن * هدى * المنتفخ - ايش بتسمين البيبي اللي جاي ؟ ..
هدى .. : اممممممم بما انه رجال .. فكنت ابي اسميه فاروق .. وسطام موافق ..
ضحكت هنادي بقوة .. : يالغبية .. – وهي تقلدها – بما انه رجاال .. – رجعت الى صوتها الطبيعي وهي ما زالت تضحك – رجااال ؟ .. الطفل بيجي نتفة .. وهي تقول رجاال ..
قالت هدى بغضب مصطنع .. : ايـــــه رجاال .. وشيخ الرجاجيل بعد .. وووه يا بعدي يا ولدي فاروق ..
- السلام عليكم ..
اتسعت ابتسامة هنادي .. : وعليكم السلام .. يا هـــلا فاروق .. – نهضت وهي تقبل وجنتيه بحب - .. من زمان عنك ..
فاروق وهو يضع بعض الاوراق على الطاولة القريبة منه .. : هلا فيك .. وشلونك ؟ ..
هنادي .. : بخير بشوفتك .. – سارت باتجاه المطبخ – بروح اخليهم يجهزون السفرة ..
نهضت هدى ببطئ كالعادة .. وهي تصرخ بمرح .. : انزل .. انزل شوي ابي ابوسك ..
ضحك وهو ينحني لها وقبلته كما فعلت هنادي .. : حشى بتذليني .. – نظر نحو الاطفال المنهمكين في الرسم - .. ايش يعني لهذي الدرجة مندمجين ؟ ..
ابتسمت وهي تجلس مرة اخرى .. : سارونة .. حمووودي .. قوموا سلموا على خالكم ..
تقدم * محمد * منه اولا .. ومد يده ليصافح خاله .. بطريقة رجولية .. : كيفك خالي ؟
مد يده .. وهو يصافح ابن اخته .. وما زال مبتسم : الحمدلله .. وانت كيفك ؟ ..
اجابه بخجل .. : بخير ..
دفعته الاخرى .. وهي تقول .. : وخرر ابي اسلم ..
ابتعد محمد المنزعج من تصرفها .. وتقدمت هي بخجل لتسلم على خالها .. بطريقتها الخاصة .. حيث انها رفعت يديها كما جناح الطير .. بمعنى " احملني " ..
رفعها فاروق وهو يقبل وجنتيها .. : داهيـــة سارة ..
ضحكت هدى .. : رومانسية من يومها ..
ابتسم وهو يعيدها على الارض .. و يخرج حافظة نقوده .. وهاتفه المحمول .. وعلبة سجائره بالاضافة الى القداحة ووضعهم بجوار الاوراق ..
هنادي وهي تدخل الصالة مرة اخرى .. : فاروق روح غير ملابسك ..
رفع – غترته - .. : ايــه ..
*
*
*
يجلسون في غرفة المعيشة بعد انتهائهم من تناول الغداء .. وهم يشربون الشاي .. نظراً لكون * فاروق * يفضل شربه بعد تناول وجباته الرئيسية .. نهض حينما انشغلن شقيقاته بالحديث عن حفلة زفاف شخص ما .. وتوجه نحو الصالة التي وضع فيها حاجياته .. ثم عاد وهو يحمل مغلفين صغيرين .. قدم احدهما لـ * هنادي * .. : هنــــادي ..
اخذته منه .. دون ان تعرف محتواه .. ونفس الشئ حدث مع * هدى * .. التي قالت : ايش هذا ؟ ..
لم يجيبها .. بل استمر بشرب الشاي دون اكتراث ..
قامت هنادي بفتحه .. واخراج الشيك الذي يحمل مبلغاً خيالياً منه .. نظرت بضيق نحو هدى .. وهما تستعدان لخوض نقاش عقيم مع هذا العنيد .. : فاروق حنا قلنا لك .. ما نبغي فلوس الشركة ..
قال ببرود .. : هذي فلوسكم .. ما هي من جيبي ..
هدى .. مؤيدة لكلام شقيقتها .. : بس حنا من البداية اتفقنا اننا متنازلين لك عن ورثنا فيها ..
فاروق بحدة .. : وانا ما ابي ورثكم ..
هنادي .. وهي تبتلع ريقها خوفاً من ردة فعله على حديثها .. : عبدالعزيز وسطام ما مقصرين فحقنا .. عشان ناخذ فلوس من اخونا ..
اغمض عينيه في محاولة لتهدئة نفسه .. : تلاحظون اني متحمل كلامكم التافه هذا .. كل شهر ؟؟؟ ..
هدى .. : طيب .. حنا اخذنا ورثنا بعد وفاة ابوي .. هذا كافي ..
نهض وهو متوجه الى السلالم .. لانهاء هذا الجدال الذي لم يحتد بعد .. : انا قلت اللي عندي .. روحوا اعطوها للفقراء .. تبرعوا فيها للايتام .. انا ما يهمني .. هذا حلالكم ..
نظرت هنادي لشقيقتها بحيرة .. وهي تفكر في ردة فعل * عبدالعزيز * اذا علم بأمر هذه النقود .. سوف يجز عنقها بالتأكيد ..
******
الرياض
فيلآ " عبدالرحمن "
4:30 عصراً
يتأفأف وهو يتبع خطوات زوجته باتجاه مكتبه .. هناك امر مهم كانت تريد ان تقوله منذ يومين .. ولكنه كان مطموراً بين اوراق عمله .. وهم اخيه .. لدرجة نسيانه للموضوع المهم بالنسبة لـهذه المرأة .. جلس على مقعده الجلدي المريح .. وهو يقول بتذمر .. : ايش موضوعك يا منيرة ؟ .. بتأخر عن شغلي .. والسبب انتي ..
قالت بأريحية .. : العمر يخلص .. والشغل ما بيخلص .. يابو ناصر ..
اجابها وهو يتكأ على سطح المكتب .. : صادقــــــة ..
ابتسمت بفرح .. : تعرف اخو سمر .. – واكملت بتوضيح اكثر - .. الدكتور ؟ ..
عقد حاجبيه وهو يحاول ان يتذكر اسم ذلك الرجل .. : اممممممم .. قصدك بدر ؟
ردت .. بسرعة .. : عليك نوور .. هو طبعاً يشتغل في مستشفى ال ****** ..
وكأن اسم ذلك المشفى قد ضرب وتراً حساساً في عقله .. : طيـــــب ؟ ..
اكملت بسرور .. : سمر كلمته عشان ندى .. وقال انها تقدر تشتغل معاه .. – وختمت حديثها بفخر - ايش رايك ؟ ..
رفع حاجبيه باستنكار .. : والمطلــــوب ؟ ..
استنكرت هي الاخرى .. رده الغير مبالي .. : ايش يعني المطلوب ؟ .. طبعا البنت تبي موافقتك .. انت ولي امــــرها ..
الان ؟ .. الان يا * ندى * تعلمين بانه ولي أمركِ ؟ .. لماذا لم تفهم هذه الكلمة آنذاك ؟ .. لماذا ضربت بكل اقواله عرض الحائط .. ونسيت بأنه ولي أمرها قبل ثلاث سنين ؟ .. انه يستصعب الامر حقاً .. : القــــــاتل ما يســـأل القتيــــل عن مـــكان دفنـــــه يا منيــــرة ..
قابلته بصمت طال لمدة دقيقتين .. ثم قالت بصوت هامس .. : ما ودك تنسى .. ؟
جرحه لم يكن يسيراً ابداً .. : ودي .. لكن ما اقــــــدر ..
نظرت لوجهه الحزين .. : تراها بنتـــك ..
قال بشرود .. : كـــانت .. كانت بنتي .. بس الحين ما لها أب ..
قالت مترجية .. : تراها الحين ندمـــانة ..
نهض وهو يتوجه نحو باب مكتبه .. : قولي لها .. الحين مــــا لهــــا أب ..
*
*
*
تضع يديها على فمها .. في محاولة لكتم شهقاتها المتمردة .. وهي تركض باتجاه غرفتها .. لماذا يصعبون الامر عليها ؟ .. لماذا لا يفهمون معاناتها ؟ .. انها الطرف الخاسر في كل ما حدث .. لقد خسرت الكثير في بداية حياتها .. وما زالت الخسائر تؤخذ منها عنوة .. دخلت الى غرفتها .. واغلقت الباب .. لكنها لم تستطيع البقاء صامدة .. سقطت على ركبتيها واجهشت ببكاء مؤلم ..
ابتــــــاه .. هل اصبحت انا قاتلة .. وانتَ ضحيتي ؟ ..
هل تخليت عن دمك الذي يجري في عروقي ؟ ..
ابتــــــــاه .. هل انا ميتة بالنسبة لك ؟ ..
هل شيعت جثماني .. واوريتني تراب ذاكرتك ؟ ..
انني اتألم يا أبي .. اقسم لك بمن رفع السموات السبع بأنني اتألم .. وبشدة ..
هل اصبح قلبك قاسياً لهذه الدرجة ؟ ..
انا إبنتك .. التي كانت فيما مضى تتسلق كتفيك وانتَ مبتسم ..
لماذا اخترت نسياني بإرادتك ؟ ..
لماذا لا تشعر بالهم الذي تسلق كتفاي ؟ ..
لماذا لم تعلم بأن ما فعلته كان من اجلك ؟ ..
من اجلك فقط ! ..
نهضت .. ودخلت دورة المياه .. بللت وجهها مرة .. ومرتين .. وثلاث .. لكن حرقة قلبها لن تنطفئ ببضع قطرات من الماء .. رفعت ساقها ودخلت الى حوض الاستحمام .. فتحت الماء البارد .. وبقيت واقفة .. لم تهمها برودة الماء .. رغم برودة الجو من حولها .. بكت .. وبكت .. حتى شعرت بجفاف حلقها .. لماذا حدث لها ذلك ؟ .. لماذا هي ؟ .. لماذا لم تكن غيرها ؟ .. رفعت كفيها تحت الماء .. : يا رب .. خذني لك .. يا رب ..
سمعت صوت طرقات على باب غرفة الاستحمام .. قالت بصوت حاولت ان يكون طبيعياً .. : ثـــواني بس ..
اغلقت صنبور الماء .. وهي ترتجف من شدة البرد .. ولكن داخلها تشتعل نيران .. يعجز عن اطفائها أحد .. خلعت ملابسها ولفت جسدها بفوطة كبيرة نسبياً .. واخرى لفت بها شعرها .. فتحت الباب وأطلت برأسها وهي ترى * نادية * تجلس على سريرها .. حاولت ان تبتسم .. لكنها غير قادرة .. خرجت ببطئ وتوجهت نحو دولاب ملابسها ..
قالت الاخرى بذهول .. : يا غبيــــــــة .. كيف تطلعين كذا .. برررد ..
اخرجت بنطلون .. مع كنزة ثقيلة .. : نسيت ادخل ملابسي معاي ..
قالت * نادية * بفرح عارم .. : عندي لك خبر بمليووون ريال ..
ترتدي ملابسها على عجل .. : ايش هو ؟؟ ..
ضحكت الاخرى وهي تهب واقفة .. : كم تعطيني ..
اجابتها بآلية .. : نادية ماني رايقة لك ..
عقدتحاجبيها بعدم فهم .. : ايش فيك ؟؟ ..
تنهدت بصوت مسموع .. ووقفت امام المرآة وهي تمشط شعرها .. : ما فيني شي .. قولي الخبر السعيد اللي جاية عشانه ..
ضحكت مرة اخرى .. : ابـــــــــووي وافق على شغلك ..
لو كان بوسعها الضحك .. لضحكت حتى تخور قواها .. انها تعلم يا * نادية * .. ابتسمت .. وهي تتخيل .. لو انها سمعته من شقيقتها الان .. ولأول مرة .. لكانت سعيدة جداً .. وبالتأكيد ستفكر بوالدها .. على انه قابل للسماح .. و راضي مبدئياً عما فعلت .. لكنها وللأسف .. سمعته .. وسمعت اعترافه بنبذها .. وسمعت اتهامها بقتله .. مثلت الضحكة والتفتت نحو شقيقتها .. : جـــــد ؟ ..
تقدمت منها .. : ايــــــــه .. تعالي بنروح السوق .. عشان نشتري لك ملابس ..
رفعت شعرها على شكل كعكة .. : لا ما ابغى ..
قالت بإصرار .. : لا تبغين .. بنروح .. لكن .. امممممممممممممم
رفعت حاجبها الايسر .. وهي مندهشة .. : امممممممم ؟؟؟؟ ..
ضحكت * نادية * .. : امي بتروح مع جدتي لعزا .. وابوي وناصر راحوا الشركة .. وسمور في بيت اهلها .. وما في الا خالد .. لو بقول له وديني السوق بيشوتني ..
ابتسمت وهي تفكر بـ * خالد * .. انه الوحيد الذي وقف بصفها .. انه الوحيد المستعد لخسارة كل شئ من أجلها .. قالت بحماس بعيد عن شخصيتها المعتادة .. : انا بـــروح اقوله ..
خرجت من غرفتها بخطوات هادئة .. طرقت باب غرفة * خالد * مرة .. ولكن لا مجيب .. فتحتها ببطئ لتُفاجأ بطريقة نومه الغريبة .. وبدون غطاء .. تحركت بسرعة نحو احد الاغطية .. لكنها بهتت حال رؤيتها لبقع الدم على ملابسه .. بالاضافى الى انفه المتورم .. حركته ببطئ .. : خالد .. خــــالد ..
تحرك بانزعاج .. وهو يهمهم بكلمات غير مفهومة .. نادته مره اخرى .. : خـــــــالد ..
فتح عينيه بقوة .. نظر لوجهها لثواني .. ثم تدارك نفسه وجلس على الفراش .. : خير يا ندى ؟؟ ..
نظرت له مطولاً .. ثم قالت بقلق .. وهي تشير نحو بقع الدم .. : ايش هذا ؟؟ ..
لم يجيبها .. بل بقي ساكناً بغرابة ..
صاغت سؤالها بطريقة ثانية .. : متضارب مع احد اليوم .. ؟ .. – سكوت من الطرف الاخر - .. رد علـــــــي ..
حرك رأسه بالايجاب .. ثم قال بخوف .. : لا تقولين لامي ..
زفرت بغضب .. : الغدا وقدرت تقول انك تغديت في الجامعة .. وعفا عنك ابوي .. والعشا كيف بتهرب منه ؟؟ ..
قال بابتسامة ذابلة .. : اختي .. بتعزمني على العشا براا ..
قالت دون ان تهتم لكلامه .. : ايش السبب اللي خلاك تتضارب ..؟؟
سكت مرة اخرى .. انتظرت اجابته لعدة ثواني .. لكنه مصر على السكوت .. تقدمت منه .. وقبلته بمحبة فائضة .. ثم نهضت وهي تقول بابتسامة .. : خذ لك شور .. وتجهز لأني عازمتك على العشا ..
******
الامارات العربية المتحدة
رأس الخيمة
5:15 عصراً
نظر لها وهي تجلس بجانبه .. ويبدو عليها الانزعاج الشديد .. لكنه لم يتحدث واستمر بالنظر الى شاشة حاسبه الالي .. لتدقيق بعض الحسابات الخاصة بالشركة .. انتظرها عدة دقائق .. لتنفس عن غضبها بوابل من الكلمات .. لكنها استمرت بالصمت .. ابتسم وهو يقول في داخله " الهدوء الذي يسبق العاصفة " ..
دخلت زوجته الى الصالة .. وهي تتذمر بصوت غاضب .. : حمـــــد .. بنتك هذي بتجلطني ..
رفع بصره .. وهو يدعي عدم الفهم .. : خير يا حصة ؟؟ ..
قالت زوجته بحنق .. : ما تبي تروح معاي لعرس ميثا ..
ابتسم .. بسبب طباع ابنته الحادة التي قالت بغضب يوازي غضب زوجته .. : ما بــــروح لو تنطبـــــق الســــما على الارض ..
قال هو في محاولة لتهدأة الوضع .. : دانة .. لا ترفعين صوتك ..
عقدت ذراعيها .. وهي تنظر الى الجهة المعاكسة .. بينما صرخت الاخرى .. : انا ابي افهم .. انتي حرمة ولا ريال ؟؟ .. البنت لما تكون فعمرك تتمنى تروح لحفلات الاعراس عشان تبرز نفســ ..
قاطعتها بغضب .. : لاااا مب عشان تبرز نفسها .. عشاااان تشوفها وحدة من الحريم وتخطبها لولدهاا ..
قالت الاخرى .. : وايش يعني ؟ .. لو بتمين جذي .. ما بتتزوجين طول عمرج ..
سارت متجهة لغرفتها المشتركة مع شقيقتها .. : يكــــــــون احسسسن ..
تأفأفت بضجر .. وهي تنظر لزوجها بحدة .. : وبعدين يا حمد .. ما بتشوفلك صرفة معاها ..
قال بهدوء .. : خليها على راحتها ..
حركت يديها بعشوائية .. : البنــــت بيصير عمرها 22 سنة .. وانت للحين تبي تخليها على راحتها ؟؟ ..
قال بضيق .. : انا مب عاجز عنها .. تبي تروح او لا .. ما بمنعها ..
قالت بحدة .. : يــــا حمد افهمنييي .. العائلة هذي .. عائلة محترمة .. انا ابيهم يشوفوها ..
قال بصوت مرتفع نسبياً .. : حصــــــة .. بنتي ما اعرضها للناس بالطريقة هذي .. – حينما لم يجد رداً منها .. قال مازحاً للتخفيف من حدة الوضع - .. وبعدين انا ما بزوجها اماراتي ..
صرخت بغضب مرة اخرى .. وهي تضع كف يدها اليمنى على خصرها .. : وشفيهم الاماراتيين ؟؟؟ ..
اغمض عينيه .. وهو يحاول ان يجد لنفسه مخرجاً من هذا الموضوع .. : رجال والنعم منهم .. لكن بنتي ما اعطيها الا لسعودي .. عشان ما اظلمها ..
زفرت بغضب .. ثم مضت في طريقها لغرفة نومهم .. : باخذ فطووم .. فديتها .. احسن من دانووه ..
ابتسم .. ثم تحولت ابتسامته لضحكات مكتومة .. فهذا وضع زوجته وابنته .. منذ عدة سنوات .. إحداهما محبة للمظاهر والحفلات .. والاخرى لا تطيق شئ فيه اختلاط بالاخرين ..
******
يتبـــــــــع